الجارديان: استهداف ترامب لسفن المخدرات المزعومة يوتر العلاقة الاستخباراتية البريطانية الأمريكية

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قالت صحيفة الجارديان، إن استهداف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسفن يشتبه في تورطها بتهريب المخدرات في منطقة البحر الكاريبي تسبب في توتر غير مسبوق داخل منظومة التعاون الاستخباراتي بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في خطوة وصفتها الصحيفة بأنها "غير مألوفة" وقد تحمل تداعيات سياسية واسعة.

وأضافت الصحيفة في تقرير الجمعة، أن بريطانيا علقت بهدوء جزءًا من تعاونها الاستخباراتي مع واشنطن في منطقة الكاريبي، بعدما رأت أن الحملة العسكرية الأمريكية ضد سفن المخدرات لا تتوافق مع القانون الدولي.

ورأت الصحيفة، أن هذه الخطوة مثلت شقًا علنيًا نادرًا في علاقة أمنية تعود جذورها إلى عام 1946، أي قبل تأسيس تحالف "العيون الخمس" نفسه، وهو التحالف الذي يجمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.

ونقلت الجارديان عن ماثيو سافيل، مدير العلوم العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، قوله: إن "إغلاق الصنبور بالكامل أمر نادر للغاية"، مضيفًا: أن بريطانيا على الأرجح طلبت من واشنطن توضيحات عندما "فُجر القارب الأول" لكنها لم تتلق جوابًا مرضيًا من البنتاجون".

أعباء التحالف ومساحات النفوذ

وقالت الصحيفة: إن الاستخبارات، التي كانت يومًا ما حكرًا على الجواسيس، أصبحت اليوم معتمدة على شبكات مراقبة وأجهزة تنصت وتقنيات تجسس متقدمة. وتوفر المملكة المتحدة وشركاؤها في "العيون الخمس" تغطية عالمية للولايات المتحدة عبر مواقع استراتيجية مثل قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص وجزر الكاريبي.

وأشارت إلى أن العلاقة الاستخباراتية تعمقت بعد هجمات 11 سبتمبر، واستمرت خلال "الحرب على الإرهاب"، رغم الخلافات المرتبطة بعمليات الاختطاف والتعذيب التي مارستها وكالة الاستخبارات المركزية، والتي تم احتواؤها سياسيًا.

ونوهت الجارديان بأن بريطانيا سبق أن أوقفت تبادل معلومات مع إدارة باراك أوباما بسبب مخاوف قانونية حول ضربات الطائرات المسيرة في باكستان واليمن، لكن الطرفين توصلا لاحقًا إلى تفاهم قانوني بعد جهد كبير.

عودة ترامب وعودة التوتر 

وأضافت الصحيفة، أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض أعادت هذه الخلافات للواجهة. ففي يونيو الماضي، عندما بحثت الولايات المتحدة استهداف منشأة فوردو النووية في إيران أثناء الحرب الإسرائيلية-الإيرانية القصيرة، اضطرت حكومة كير ستارمر لتقييم قانونية الغارة المحتملة، خاصة أن القصف كان متوقعًا أن ينطلق من القاعدة البريطانية في دييغو غارسيا.

لكن الولايات المتحدة نفذت الضربة من ولاية ميسوري، ما سمح بلندن بتجنب الأزمة.

وقالت الجارديان إن "نيويورك تايمز" نقلت تفاصيل صادمة عن تراجع رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل عن التزام شفهي قطعه لمدير MI5 البريطاني، كين ماكالوم، بعدم إغلاق مركز مراقبة حيوي في لندن، قبل أن يتم إلغاؤه بعد أسابيع ضمن تخفيضات الميزانية، وهو ما أثار شكوكًا عميقة لدى بريطانيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة، بحجم أجهزتها وتسييسها المتزايد، خاصة في ولاية ترامب الثانية، أصبحت بيئة عالية التسريب، ما ينعكس سلبًا على العمل المشترك ويجر المملكة المتحدة إلى مواقف حساسة.

عمليات قتل خارج القانون.. وحدود الصمت البريطاني

وأضافت الجارديان أن حملة ترامب المتصاعدة ضد "سفن المخدرات" في الكاريبي دفعت بريطانيا إلى إعادة النظر علنًا في تبادل المعلومات مع واشنطن، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة قتل 75 شخصًا في 19 غارة منذ سبتمبر، وقالت إن العمليات جزء من "صراع مسلح غير دولي" مع عصابات مخدرات صنفها ترامب "إرهابية".

لكن خبراء قانونيين، نقلت الصحيفة عنهم، يؤكدون أن عمليات "إغراق القوارب" لا تستند إلى أي أساس قانوني، لأن الولايات المتحدة ليست في حالة حرب مع تلك العصابات ولا تواجه تهديدًا وشيكًا.

وكتبت مجموعة منهم على مدونة "جاست سيكيوريتي" أن وصول المخدرات إلى الولايات المتحدة "لا يمثل هجومًا مسلحًا ولا يبرر استخدام القوة".

ولفتت الصحيفة إلى أن بريطانيا لم تعلن اعتراضها صراحة تفاديًا لإغضاب واشنطن، لكن عدم نفي وزارة الدفاع لتسريب CNN  بشأن تعليق التعاون كان بمثابة تأكيد غير مباشر للقرار.

ونقلت الجارديان عن دومينيك غريف، المدعي العام البريطاني السابق، قوله إنه "غير متفاجئ على الإطلاق"، مؤكدًا أنه "لا يوجد أساس قانوني لقتل الناس بهذه الطريقة"، وأن تقديمهم للمحاكمة ممكن لأنهم لا يشكلون تهديدًا وشيكًا للحياة.

ورأت الصحيفة في السياق، أن بريطانيا تخاطر بفقدان شرعيتها، وربما التعرض للمساءلة القضائية، إذا قدمت أي دعم استخباراتي لعمليات تعتبرها غير قانونية.

التداعيات السياسية.. وتوتر يتصاعد

وأشارت الجارديان إلى أن الأزمة تأتي بينما تشهد العلاقات الأمريكية-البريطانية توترًا إضافيًا بسبب تهديد ترامب بمقاضاة هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).

وذكرت أن بعض الخبراء، مثل لورانس فريدمان من كينغز كوليدج لندن، يعتقدون أن الإدارة الأمريكية قد تتجنب تضخيم الخلاف، خاصة أن هناك شكوكًا داخل الكونجرس حول قانونية عمليات ترامب.

وأضاف فريدمان: أن دعم المدعي العام البريطاني الحالي ريتشارد هيرمر لموقف لندن "قد يغذي النقاش الداخلي في واشنطن".

لكن آخرين، مثل سافيل، يرون أن المملكة المتحدة ستكون مضطرة إلى مراجعة طريقة دعمها لواشنطن بهدوء، خصوصًا في ظل حساسية الرئيس الأمريكي.

وقال سافيل للصحيفة: "الأمر ليس مجرد عمل كالمعتاد مع هذه الإدارة. سيتعين على المملكة المتحدة التفكير مليًا في كيفية دعمها للولايات المتحدة، مع تجنب أي مواجهة علنية مع رئيس شديد الحساسية".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق