أكد عدد من المحللين السودانيين أن إقليم كردفان يشهد حاليًا تصعيدًا، يماثل فى خطورته ما حدث فى إقليم دارفور، بسبب ما ترتكبه ميليشيا «الدعم السريع» من مجازر بحق الشعب السودانى، خاصة بعد حصار مئات الآلاف من البشر فى عدة مدن، واستهداف الأحياء السكنية بالقتل والنهب والقصف العشوائى، على مدار الأسابيع الماضية.
ودعا المحللون السودانيون، خلال حديثهم لـ«الدستور»، إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولى للتصدى للميليشيا التى ترتكب جرائم حرب واسعة النطاق فى السودان، مع فرض عقوبات على القوى السياسية والدول الداعمة لها، مشيرين إلى أن إفلات الميليشيا من العقاب يعنى استكمال مخططها فى قطع طرق الإمداد والسيطرة على النقاط الاستراتيجية فى درافور وكردفان، سعيًا لتقسيم الدولة السودانية.
هيثم محمود:جرائم الميليشيا طالت عدة مدن.. وهدنتها المقترحة كانت للتقدم نحو مناطق جديدة
أوضح الكاتب السودانى هيثم محمود أن ميليشيا «الدعم السريع» مستمرة فى ارتكاب الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان فى ولايات شمال وغرب كردفان، مشددًا على أن هذه الجرائم يجب أن تصنف كجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مكتملة الأركان.
وأشار «محمود» إلى أن الميليشيا نفذت على مدار الأيام القليلة الماضية هجمات واسعة النطاق فى مناطق متعددة، منها بابنوسة، التى هاجمتها «الفرقة ٢٢»، وتصدت لها القوات المسلحة السودانية وكبّدتها خسائر كبيرة فى الأرواح والعتاد.
وقال: «الميليشيا ارتكبت مجازر بحق المدنيين العزل، تضمنت قتل النساء والأطفال والأبرياء، لمجرد أنهم ظلوا صامدين فى مدينتهم، وفى مدينة بارة، التى احتلتها الميليشيا قبل أيام من الفاشر، ارتكبت الميليشيا هناك جرائم مروعة، خاصة فى مناطق غراء ومسيالة وكريدم والمزروب، بما فى ذلك قتل سليمان سهل، ناظر قبيلة المجانين، إحدى أكبر القبائل الرعوية فى شمال كردفان، بطائرة مسيرة، بعد أن استدرجته لاجتماع لبحث حل المشكلة، فى خيانة واضحة».
وأضاف: «الميليشيا لم تكتف بقتل الناظر وموكبه، بل نفذت جرائم مروعة فى محيط مدينة بارة، ما دفع نحو خمسمائة ألف مواطن للنزوح إلى مدن الأبيض والمروابة والرهد وأم درمان والخرطوم، فى ظروف بالغة الصعوبة».
وأكد الكاتب السودانى أن ما تقوم به الميليشيا هو وصمة عار على جبين العدالة الدولية، متسائلًا عن موقف المجتمع الدولى والمنظمات الإقليمية والدولية، وداعيًا إلى فرض عقوبات صارمة على الميليشيا المتمردة، بل وتحريك القوات الدولية لمواجهتها إن لزم الأمر، ومشددًا على أن استمرار الصمت الدولى يسهم فى تمادى الميليشيا فى جرائمها. واعتبر «محمود» أن رفض القوات المسلحة السودانية الهدنة المقترحة من قبل الميليشيا كان قرارًا استراتيجيًا لحماية المدنيين من مزيد من القتل والتشريد، موضحًا أن الميليشيا كانت تعتزم استغلال الهدنة لترتيب صفوفها والتقدم نحو مدن جديدة، مثل الأبيض.
وتابع: «الرسالة واضحة، ومفادها أنه لا مكان للخونة والمرتزقة فى السودان، ويجب حسم الأمر مع الميليشيا حتى آخر متمرد، للحفاظ على وحدة وسيادة البلاد».
ونوه الكاتب السودانى بالدعم الخفى والمعلن من بعض الأطراف السياسية للميليشيا، مؤكدًا أن هؤلاء الذين زاروا الفاشر واحتفلوا بتحريرها أو شكلوا أذرعًا سياسية لإقامة هدنة، هم جزء من المشكلة وليس الحل، خاصة أن صمتهم على جرائم الميليشيا يعكس تواطؤًا واضحًا.
ودعا المجتمع الدولى والأصدقاء الإقليميين والسودانيين المخلصين إلى التحرك لدعم القوات المسلحة والشعب السودانى، ووقف الانتهاكات، وحماية المدنيين العزل من جرائم الميليشيا، مؤكدًا أن العدالة الحقيقية والمحاسبة يجب أن تكون أولوية، لإنقاذ حياة آلاف الأسر المهددة فى شمال وغرب السودان.
أمجد فريد:على المجتمع الدولى فرض عقوبات على الجماعة المسلحة
أشار أمجد فريد، المدير التنفيذى لمركز الفكر والدراسات، إلى أن ما تقوم به ميليشيا «الدعم السريع» ليس جديدًا، بل استمرار لمسار طويل من العنف المنظم والاعتداءات المستمرة على السكان المدنيين العزل فى ولايات السودان المختلفة، خاصة فى دارفور وكردفان، حيث ترتكب الميليشيا جرائم حرب وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، تشمل القتل والتشريد والنهب والتدمير المتعمد للممتلكات العامة والخاصة.
وأشار الناشط السودانى إلى أن محاولات تصوير ميليشيا «الدعم السريع» كقوة سلام أو فاعل سياسى طبيعى هى «مشاركة فى الإجرام»، لأنها تسهم فى تبييض جرائمها وتقديمها أمام المجتمع الدولى ككيان شرعى، بينما الواقع يؤكد أن الميليشيا مستمرة فى فرض سيطرتها بالقوة والتخويف، مستهدفة المدنيين الأبرياء بذريعة فرض النظام أو حماية مناطق محددة.
وأضاف: «المجتمع الدولى مطالب بالتوقف عن تبييض أعمال الميليشيا، ومن الضرورى فرض عقوبات صارمة ضدها، ومحاسبة كل الأطراف التى توفر لها الدعم العسكرى والمالى والسياسى».
عثمان فضل الله:استمرار النزاع يسبب معاناة كبيرة للمدنيين
قال عثمان فضل الله، رئيس تحرير جريدة «أفق جديد» السودانية، إن الحرب تهدد كل شبر من أرض السودان؛ فلا توجد مناطق بمعزل عن الأزمة، ولا أسر بمنأى عن الخسائر المترتبة على النزاعات المسلحة المستمرة.
وأكد فضل الله أن الحلول الحقيقية لا تكمن فى التباكى على الضحايا أو تحويل دمائهم إلى وقود لدوامات العنف، بل فى إيقاف إطلاق النار فورًا وفتح مساحة للحوار الوطنى الشامل، ليكون مسارًا صادقًا نحو المصالحة وإعادة بناء الدولة.
وشدد على أنه «على جميع الأطراف المتقاتلة وضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الضيقة»، معتبرًا أن وقف إطلاق النار يمهّد لوصول المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، وفتح مسارات سياسية حقيقية قادرة على إنهاء دورة الانتقام المتكررة.
وأضاف أن المجتمع الدولى والمجتمعات المحلية مدعوّان لدعم مسارات المصالحة والعدالة الانتقالية، التى تضمن محاسبة المجرمين دون الانزلاق إلى انتقام جماعى، مؤكدًا أن لا بناء للوطن إلا بالسلام.
وتابع: «الأمل يكمن فى السلام الشامل والتحرك الجاد لكل من لديه القدرة على التأثير على مجريات الأحداث، لأن استمرار النزاع لن يترك للمدنيين إلا المعاناة والفقدان، ولن يكتب للسودان إلا تاريخ مظلم من العنف والفوضى».
محمد أبوبكر موسى: الأوضاع الكارثية تهدد نصف مليون بالموت
حذر المواطن السودانى محمد أبوبكر موسى، من تصعيد ميليشيات الدعم السريع فى ولايات شمال وغرب وجنوب كردفان ودارفور، مؤكدًا أن هذه الميليشيات ترتكب جرائم مروّعة بحق المدنيين الأبرياء، وتنفذ هجمات غير مسبوقة تهدد حياة مئات الآلاف من السكان.
وأشار موسى إلى أن ميليشيات الدعم السريع ارتكبت مجزرة مروّعة فى مدينة بارا بولاية شمال كردفان بعد سيطرتها عليها مؤخرًا، تضمنت أعمال قتل ونهب للممتلكات واغتصاب النساء والفتيات، مستنكرًا الجرائم التى ارتكبتها الميليشيا كرد فعل على احتفال المدنيين مع القوات المسلحة خلال تحرير المدينة سابقًا.
وأضاف أن الميليشيات قتلت المئات من المدنيين الأبرياء فى منطقة «أم دم حاج» بشمال كردفان، فى أحدث أمثلة على انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان.
كما حذّر الناشط السودانى من تصاعد هجمات الميليشيات عبر القصف المدفعى واستخدام الطائرات المسيرة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين فى مناطق متعددة بولايات كردفان الثلاث.
وشدد على تدهور الأوضاع الإنسانية، خاصة فى مدن مثل بارا والأبيض وكادوقلى وبابنوسة والدلنج، حيث دارت معارك شديدة، وأفاد بعض المواطنين بانتشار مئات الجثث فى الشوارع والمنازل.
ولفت إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين من مدينة الفاشر وولاية شمال كردفان، وهناك مخاوف بشأن مصير أكثر من ٢٥٠ ألف شخص فى الفاشر بعد سيطرة الميليشيات عليها، مشيرًا إلى أن نصف مليون شخص مهددون بالموت نتيجة تصاعد العنف والنقص الحاد فى الغذاء والدواء، ما يهدد بسقوط ضحايا بأعداد كبيرة نتيجة الحرب والأوضاع المعيشية الكارثية.
سيف الدين عبدالله:هروب جماعى سيرًا على الأقدام
ذكر المواطن السودانى سيف الدين عبدالله أن الحرب تؤثر بشكل مأساوى على كل السودانيين، خاصة من يعيشون فى ولايات كردفان، حيث فرضت ميليشيا الدعم السريع حربًا دامية أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد مئات الآلاف من المدنيين العزل.
وأوضح عبدالله، لـ«الدستور»، أن هذه الميليشيا ترتكب جرائم مروعة بحق المدنيين، مستهدفة السكان بدوافع عرقية، وتنفذ هجماتها بلا تمييز، ما أدى إلى موجات نزوح جماعى من مناطق النزاع فى ظروف بالغة القسوة.
وأشار إلى أن المدنيين يُضطرون للفرار سيرًا على الأقدام نحو جهات مجهولة، فى غياب الغذاء والماء والدواء والمأوى، فى ظل انهيار شبه كامل للخدمات الصحية وانتشار الأمراض بشكل واسع، خاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن، مع تفاقم مشكلة سوء التغذية.
وتابع: «الجرائم التى ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع ضد المدنيين العزل لا يمكن السكوت عنها، والمجتمع الدولى يتحمل مسئولية إنسانية وقانونية فى التدخل لوقف هذه الانتهاكات». ودعا إلى تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لدعم المدنيين فى كردفان وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، وضمان محاسبة كل من ارتكب هذه الجرائم، من أجل حماية حياة المواطنين والحفاظ على وحدة واستقرار السودان.
















0 تعليق