لم تكن نتائج المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب حدثًا عابرًا فى المشهد السياسى المصرى، بل كانت مؤشرًا كاشفًا لنبض الشارع ووعى المواطن المصرى الذى بات أكثر إدراكًا ورفضا لمحاولات التشويه والتحريض الخارجى، فلم تكن فقط أرقامًا فى جداول الانتخابات، بل جاءت كصفعة مدوية على وجوه مطاريد جماعة الإخوان الإرهابية الذين يعيشون على فتات التحريض من إسطنبول ولندن، ومعهم أحزاب المعارضة الورقية التى ترفع الشعارات ولا تمتلك من أدوات الفعل سوى الضجيج الفارغ.
أثبتت صناديق الاقتراع أن المصريين لا ينخدعون بالشائعات ولا ينساقون خلف دعايات الخارج، وبرغم كل ما روج من أكاذيب، وتخرصات عن تزوير وتوجيه وشراء أصوات، خرج المواطن المصرى ليعبر عن رأيه بحرية، وليؤكد أن إرادته الوطنية لا تُشترى ولا تُختطف.
اللافت فى النتائج أن المستقلين حجزوا مواقع متقدمة فى معظم الدوائر، إلى جانب مرشحى الأحزاب الوطنية الكبرى مثل مستقبل وطن وحماة الوطن والجبهة الوطنية، هذا المشهد أعاد رسم الخريطة السياسية، وأكد أن المصريين لا يصوتون للأسماء بقدر ما يصوتون للثقة، وأنهم يميزون بين من يعمل على الأرض ومن يكتفى بالتصريحات على الهواء.
أما ما تسمّى المعارضة السياسية داخل مصر، فقد أثبتت مرة أخرى أنها لا وجود لها فى الشارع المصرى. فهذه الأحزاب الورقية التى تعيش على ذكريات السياسة القديمة، لم تقدم برنامجا مقنعًا ولا خطابًا واقعيًا، واكتفت برفع الشعارات الرنانة والحديث عن الديمقراطية فى الوقت الذى فشلت فيه حتى فى تنظيم قواعدها الداخلية.
لم تجد أحزاب البيانات والتصريحات أمامها سوى شماعة التزوير لتعلق عليها فشلها، بينما الحقيقة أن الشارع لفظها منذ زمن، لأنها لا تعبر عن الناس، ولا تمتلك القدرة على خوض منافسة حقيقية، فضلًا عن أن الناخب لم يعد يثق فى معارضة تهاجم الدولة فى الصباح وتفاوض على مكاسبها فى المساء، معارضة تبحث عن الضوء الإعلامى لا عن تحقيق مصالح المواطن والوطن.
أما جماعة الإخوان الإرهابية، فقد جاءت الانتخابات لتذكرها بحقيقتها المُرة بأنها لم تعد تمثل شيئًا فى وجدان الشعب المصرى، بعد أن فقدت مشروعها وسقط قناعها إلى الأبد.
مطاريد الجماعة الإرهابية فى إسطنبول ولندن، الذين طالما تاجروا باسم الشرعية وادعوا الدفاع عن الديمقراطية، وجدوا أنفسهم عُراة أمام الواقع، بعدما انهارت كل دعاياتهم أمام مشهد المصريين وهم يصوتون فى هدوء وثقة، بينما هم يصرخون خلف الشاشات ويعيدون الأسطوانة ذاتها عن تزوير، تلاعب، مسرحية
لكن الواقع لا يكذب؛ فالشعب الذى واجه الإرهاب فى الشوارع لن يخاف من أكاذيب تبثها قنوات ممولة بمال الفتنة ودماء الأبرياء.
القنوات التى تُبث من تركيا وقطر، وعلى رأسها الشرق ومكملين ووطن، تحولت من منابر إعلامية إلى غرف عمليات للتضليل والتحريض، فتلك الأبواق التى كانت تدّعى الدفاع عن حقوق المصريين لم تعد تملك سوى بث الأكاذيب القديمة فى ثوب جديد، بعدما أدرك المصريون حقيقتها.
فى كل استحقاق وطنى، تتكرر المشاهد ذاتها، شائعات على الشاشات، فيديوهات مفبركة، وادعاءات بلا دليل، ثم تأتى الحقيقة لتدحض كل ما قالوه، لتتحول تلك القنوات إلى مقابر إعلامية لأوهام الإخوان، يكرر فيها الهاربون أكاذيبهم لجمهور لم يعد يصدقهم.
الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت أكثر من مجرد عملية تصويت، بل كانت اختبارًا حقيقيًا لصلابة مؤسسات الدولة وثقة المواطن فيها.
التنظيم والإشراف القضائى الكامل، والرقابة الإعلامية المحلية والدولية، والهدوء الذى ساد اللجان، كلها دلائل على أن مصر تخوض تجربتها الديمقراطية بثبات ومسئولية.
ورغم كل ما أثير من ضجيج خارجى، فإن الواقع فى الداخل كان مختلفًا تمامًا من حيث الانضباط، والشفافية، والتنافس السياسى الشريف، وكلها مشاهد تعكس تطور الوعى الوطنى.
فى المقابل، يعيش مطاريد الإخوان فى إسطنبول حالة من الانفصام السياسى والإفلاس الإعلامى، بعدما انكشفت شعاراتهم، وتراجعت نسب مشاهداتهم، وباتت قنواتهم تدار بلا جمهور ولا تأثير، حتى إن بعض العاملين بها بدأوا يغادرونها بعد أن تحولت إلى منصات لتصفية الحسابات بين الهاربين أنفسهم.
لقد سقط مشروعهم كما سقطت دعايتهم، لأنهم راهنوا على الكراهية بدلًا من الوطن، وعلى الأكاذيب بدلًا من الوعى، والنتيجة كانت واضحة بأن الشعب المصرى كسب الجولة، والإخوان خسروا كل شىء.
لم تكن المعركة الحقيقية بين مرشحين أو أحزاب، بل بين وعى الشعب ومحاولات تضليله.
لقد أثبت المصريون أنهم الحصن الحقيقى للدولة، وأن وعيهم هو السلاح الأقوى فى مواجهة الشائعات، وأنهم يجيدون التفرقة بين من يريد بناء الوطن، ومن يريد هدمه.
وبينما تتهاوى أبواق الخارج واحدة تلو الأخرى، تواصل مصر طريقها بثقة نحو المستقبل، مدعومة بإرادة شعب لا يعرف الانكسار.
انتهى زمن الأكاذيب والشعارات الزائفة، ولم يعد هناك مكان لمعارضة كرتونية تقتات على الفشل، ولا لجماعة إرهابية تحيا على التحريض، فمصر اليوم تُدار بإرادة أبنائها، وشعبها يعرف تمامًا من يقف معه ومن يتآمر عليه، وفى كل مرة يحاول فيها مطاريد الخارج أن يعبثوا بعقول المصريين، تأتى صناديق الحقيقة لتلقنهم درسًا جديدًا فى الوطنية، فكما سقطت أبواق الفتنة، سيسقط كل من يراهن على وعى هذا الشعب العظيم.









0 تعليق