أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، أن ما يُعرف في التراث الإسلامي بمفهوم "المعاجزة" يمثل حالة من التحدي والمعاندة لمراد الله تعالى، وأنها صفة مذمومة ضرب الله بها أمثلة في القرآن الكريم ليتّعظ بها المؤمنون.
وأضاف جمعة عبر صفحته الرسمية، في حديثه عن هذا المفهوم، إن الله سبحانه وتعالى أراد من عباده الإيمان والتسليم والإذعان، لا المجادلة والمكابرة في أمره، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم عرض صورًا للمعاجزين الذين جحدوا فضل الله واستكبروا بما أُوتوا من النعم.
وضرب جمعة مثالًا واضحًا على ذلك في قصة قارون، التي جاءت في سورة القصص، حيث ظنّ قارون أن ما أوتي من قوة ومال هو استحقاق نابع من ذاته، لا فضل من الله عليه، فقال:{إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}.
وأوضح أن هذه العبارة تمثل ذروة المعاجزة، لأنها تُظهر نكران الفضل الإلهي وادعاء الاستقلال عن المشيئة الربانية، مضيفًا أن الله سبحانه عاقبه بخسف الأرض به وبداره، كما ورد في قوله تعالى:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ...} [القصص: 81].
وأشار المفتي الأسبق إلى أن مقولة قارون لم تكن حكرًا عليه، بل تتكرر في كل زمان على ألسنة المغرورين بما يملكون من مال أو علم أو سلطة، مستشهدًا بقوله تعالى:{فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ...} [الزمر: 49].
وأضاف جمعة أن الإنسان مقهور بقدر الله وأمره، مهما توهّم أنه صاحب السيطرة أو التدبير، مستدلًا بآيات تؤكد خضوع كل المخلوقات لله طوعًا أو كرهًا، منها قوله تعالى:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا...} [آل عمران: 83].
وختم حديثه بالتأكيد على أن العاقبة للمتقين، وأن الدار الآخرة لا تكون إلا لمن لا يريد علوًّا في الأرض ولا فسادًا، داعيًا المؤمنين إلى التواضع أمام عظمة الخالق، والاعتراف بفضله في كل ما أنعم به على عباده.













0 تعليق