تشهد الجبهة الجنوبية الشرقية لأوكرانيا تصعيداً واضحاً في حدة القتال، بعد إعلان هيئة الأركان العامة الأوكرانية عن تدهور كبير في الوضع الميداني في منطقة غوليايبولي التابعة لمقاطعة زابوروجيه، وهي من أبرز نقاط التماس بين الجانبين منذ أشهر.
وقالت الهيئة في بيان عبر قناتها على تطبيق "تليجرام" إن "الوضع تدهور بشكل كبير على محوري أليكساندروفكا وغولياي بولِه"، موضحة أن القوات الروسية كثّفت عملياتها الهجومية في المنطقة التي تشكل مثلثاً استراتيجياً تتقاطع فيه حدود جمهورية دونيتسك الشعبية مع مقاطعتي زابوروجيه ودنيبروبتروفسك.
تقدم روسي وتأكيد على السيطرة
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية تحقيق تقدم ميداني جديد، مؤكدة أن قواتها تمكنت من "تحرير" بلدة نوفوأوسبينوفسكويه في مقاطعة زابوروجيه، ضمن عمليات نفذها تجمع قوات "فوستوك" (الشرق).
وأشارت الوزارة إلى أن العملية جرت بعد هجوم منسق على مواقع أوكرانية داخل عمق الدفاعات، مما أتاح "السيطرة على قطاع جديد من محور زابوروجيه".
وأضاف البيان أن "بطولة وصمود عسكريي تجمع الشرق، ضمنا تقدماً واثقاً وتعزيزاً للسيطرة"، مؤكداً أن العمليات لا تزال مستمرة لتوسيع نطاق السيطرة وتأمين الخطوط المكتسبة.
انسحابات أوكرانية وإعادة تموضع
من جانبها، اعترفت كييف بانسحاب عدد من وحداتها العسكرية من البلدات القريبة من غوليايبولي، مبررة ذلك بأنه "إجراء تكتيكي لإعادة التموضع في مواقع أكثر أماناً وملاءمة".
غير أن مراقبين ميدانيين اعتبروا الخطوة مؤشراً على تراجع فعلي في قدرة القوات الأوكرانية على الصمود في الجنوب، بعد أسابيع من القتال العنيف ونقص الإمدادات والذخائر.
ويرى محللون أن هذه التطورات تمثل أحد أكبر الانكسارات الميدانية منذ الصيف الماضي، ما قد يعزز موقف موسكو في الجنوب.
أهمية زابوروجيه في المعادلة العسكرية
تعتبر مقاطعة زابوروجيه من أكثر الجبهات حساسية واستراتيجية في الحرب الأوكرانية، إذ تشكل الرابط البري بين الشرق الأوكراني وشبه جزيرة القرم وبحر آزوف، كما تربط الجبهات الشرقية والجنوبية في خاركيف وخيرسون.
ويخشى محللون من أن يؤدي أي تقدم روسي واسع إلى قطع خطوط الإمداد الأوكرانية القادمة من دنيبروبتروفسك، الأمر الذي قد يهدد بتفكك الجبهة الجنوبية ويضع القوات الأوكرانية في موقع دفاعي هش.
معركة الإرادات مستمرة
في ظل هذا المشهد المعقد، تتواصل معركة الإرادات بين موسكو وكييف، حيث تؤكد أوكرانيا عزمها على الصمود وإعادة تنظيم صفوفها، بينما تصف روسيا التقدم الأخير بأنه نتيجة طبيعية لخطتها الميدانية الجديدة.
وبينما يراقب الغرب بقلق التطورات في الجنوب، تتزايد الدعوات داخل أوروبا والولايات المتحدة لتقديم دعم عاجل لكييف لتفادي انهيار دفاعاتها.
ويرى محللون أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار الحرب ومستقبل الجبهات، خصوصاً إذا تمكنت موسكو من تثبيت سيطرتها على المحاور الجديدة في زابوروجيه.
















0 تعليق