ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن إسرائيل تحتجز عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة داخل سجن "راكيفيت" تحت الأرض، في ظروف وصفتها منظمات حقوقية بأنها "غير إنسانية وتصل إلى حد التعذيب"، حيث يحرم المعتقلون من ضوء النهار، ومن الغذاء الكافي، ومن التواصل مع العالم الخارجي أو ذويهم.
وقالت الصحيفة، إن بين المحتجزين مدنيين على الأقل تم اعتقالهما منذ أشهر دون توجيه أي تهم أو محاكمتهما، أحدهما ممرض تم احتجازه بملابسه الطبية أثناء عمله في مستشفى بقطاع غزة، والآخر بائع مواد غذائية شاب أُوقف عند نقطة تفتيش إسرائيلية في أكتوبر 2024، وفقًا لمحامي اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل (PCATI) التي تمثل الرجلين أمام القضاء الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة، أن الممرض والتاجر نقلا إلى مجمع "راكيفيت" في يناير الماضي، حيث أكدا لمحاميهما تعرضهما المتكرر للضرب والعنف الجسدي، بما يتماشى مع أنماط التعذيب الموثقة في سجون إسرائيلية أخرى.
سجن أعيد تشغيله رغم "عدم إنسانيته"
وأشارت "الجارديان" إلى أن سجن راكيفيت افتتح للمرة الأولى في ثمانينيات القرن الماضي لاحتجاز أخطر المجرمين في إسرائيل، لكنه أُغلق لاحقًا بعد سنوات قليلة بسبب "عدم إنسانيته"، غير أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير أمر بإعادة تشغيله بعد هجمات 7 أكتوبر 2023، ليصبح مقرًا لاحتجاز الفلسطينيين من غزة في عزلة تامة عن العالم.
وأوضحت أن السجن يقع بالكامل تحت الأرض، وتضم منشآته زنازين ضيقة، وساحة تمارين صغيرة، وغرفة لقاءات للمحامين، دون أي منفذ لضوء الشمس، ما يجعل السجناء يعيشون في ظروف قاسية ومظلمة على مدار الساعة.
أعداد متزايدة وظروف قمعية
وأشارت الصحيفة، إلى أن السجن كان مصممًا في الأساس لعدد محدود من النزلاء لا يتجاوز 15 شخصًا، لكنه يحتجز حاليًا قرابة 100 معتقل فلسطيني، بحسب بيانات رسمية حصلت عليها اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار في منتصف أكتوبر الماضي، أفرجت إسرائيل عن 250 سجينًا فلسطينيًا مدانين و1700 معتقل من غزة كانوا محتجزين دون تهمة، من بينهم التاجر الشاب الذي كان في راكيفيت.
ورغم الإفراج الجماعي، أكدت اللجنة أن نحو ألف فلسطيني آخرين لا يزالون محتجزين في السجون الإسرائيلية في ظروف مماثلة، بينهم ممرضون ومدنيون لا علاقة لهم بالعمل العسكري.
وقالت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل في بيان للصحيفة: "على الرغم من انتهاء الحرب رسميًا، لا يزال الفلسطينيون من غزة يعيشون في ظروف حرب عنيفة ومتنازع عليها قانونيًا، تنتهك القانون الإنساني الدولي وتصل إلى حد التعذيب".
وذكرت المحامية جنان عبدو من اللجنة، أن من بين المعتقلين شابًا يبلغ من العمر 18 عامًا يعمل بائع طعام، أُخذ من نقطة تفتيش على الطريق دون أي سبب قانوني، مؤكدة أن الحالات التي تمت زيارتها "تخص مدنيين بالكامل".
رواية إسرائيلية متناقضة
ونوهت الصحيفة بأن الوزير بن غفير كان قد صرح لوسائل إعلام إسرائيلية بأن سجن راكيفيت أعيد تأهيله لاحتجاز مقاتلي حركة حماس أو عناصر من حزب الله، مشيرًا إلى أن "هؤلاء السجناء شاركوا في هجمات إرهابية".
لكن، بحسب مصادر إسرائيلية رسمية اطلعت عليها الجارديان، فإن معظم المعتقلين في السجن مدنيون لا علاقة لهم بأي أعمال قتالية، وهو ما أكده تقرير اللجنة الحقوقية.
ولم ترد مصلحة السجون الإسرائيلية على أسئلة الصحيفة بشأن ظروف احتجاز هؤلاء السجناء أو هوياتهم.
انتهاك فريد من نوعه
وقالت الصحيفة، إن المدير التنفيذي للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، تال شتاينر، وصف أوضاع السجناء الفلسطينيين بأنها "مروعة عن عمد" في جميع السجون الإسرائيلية، مضيفًا أن ما يجري في راكيفيت يمثل "انتهاكًا فريدًا من نوعه"، إذ يتم احتجاز المعتقلين لأشهر متواصلة تحت الأرض دون ضوء أو تهوية طبيعية.
وأضاف شتاينر، أن هذه الممارسات تترك آثارًا نفسية وجسدية خطيرة، منها اضطرابات النوم، والاكتئاب، واضطراب الإيقاع الحيوي للجسم، إضافة إلى نقص فيتامين "دي" بسبب الحرمان الكامل من ضوء الشمس.












0 تعليق