في مشهدٍ مأساوي تتقاطع فيه رائحة الدم برائحة الرماد في سماء غزة، لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تُتفنن في القتل والتدمير، مستهدفة المدنيين والمنازل والبنية التحتية في واحدة من أكثر الحملات دموية منذ عقود.
"حرب تصفية علنية".. الاحتلال يستهدف الإنسان والأرض معاً
فمنذ السابع من أكتوبر، تتواصل المجازر بحق الشعب الفلسطيني وسط صمت دولي يثير الغضب، وعجزٍ إنساني يثير الألم، بينما تتسابق حكومة الاحتلال إلى تقنين القتل عبر تشريعات عنصرية جديدة.
وفي هذا الصدد كشف المحلل السياسي والمستشار الدبلوماسي في الشؤون الإقليمية والدولية نعمان توفيق العابد من خلال تصريحات خاصة وقال إن ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي هو إبادة جماعية مكتملة الأركان، وليست مجرد حرب عسكرية.
وأوضح العابد من خلال (حديثه الخاص) أن إسرائيل تسعى إلى تصفية الإنسان الفلسطيني جسداً وهويةً ووجوداً، من خلال مزيجٍ من (القصف) (والقتل) (والاعتقال) (والتهجير) واخيرا (الاعدام) ، مشيرا الي أن أي إنسان جيد فلسطيني في نظر الاحتلال هو الإنسان الميت
واكمل نعمان العابد لتحيا مصر ان "إسرائيل لا تكتفي بتدمير الحجر، بل تسعى لتدمير فكرة الحياة ذاتها داخل الفلسطيني، عبر سياسات ممنهجة تتجاوز حدود الحرب إلى حدود الإبادة القانونية والمجتمعية.
وكشف نعمان العابد (لتحيا مصر) إلى أن ما يجري في قطاع غزة هو (سياسة تصفية شاملة)، موضحاً أن أكثر من ألف ومائة شهيد قد سقطوا معظمهم بعد عمليات إعدام ميدانية بدم بارد.
واردف المحلل السياسي أن الجيش الإسرائيلي يعتقل الفلسطينيين ثم يطلق النار عليهم، في مشهدٍ يجسد أبشع صور الانتهاك للإنسانية وخرق القانون الدولي.
وقال العابد إن إسرائيل تستخدم الحرب كأداة تطهير عرقي تستهدف اقتلاع الفلسطيني من أرضه، مؤكداً أن ذلك "يندرج ضمن مشروع (استيطاني متكامل) يهدف إلى طمس الهوية الفلسطينية".
تشريعات القتل.. الكنيست يشرعن الإعدام ضد الفلسطينيين
وفي هذا السياق، أوضح نعمان العابد لتحيا مصر أن ما تقوم به حكومة الاحتلال الآن من إعادة طرح مشروع قانون الإعدام داخل الكنيست ما هو إلا "غطاء قانوني لجريمة سياسية"، مؤكداً أن هذا القانون ليس وليد اللحظة بل سبق تطبيقه فعلياً ضد أحد المواطنين الألمان في الماضي.
وأضاف العابد من خلال تصريحاته أن إحياء هذا القانون وتجديد بعض النصوص به اليوم يُظهر النية المبيتة لحكومة نتنياهو في تصفية الإنسان الفلسطيني، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمثل "أخطر تحول في الفكر السياسي الإسرائيلي
وتابع العابد: "هذه ليست قوانين ردع كما يدّعون، بل تشريعات موت( تُقنن الجريمة) وتمنح الشرعية للقتل المنظم.
الكنيست يقترب من المصادقة.. وبن جفير يقود التصعيد الأخطر
جدير بالذكر أن لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي برئاسة النائب تسفيكا فوغل عقدت صباح اليوم جلسة خاصة لمناقشة مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة( الإعدام) على الأسرى الفلسطينيين، وسط توقعات بالتصويت عليه رسمياً يوم الأربعاء المقبل.
وخلال الجلسة، صرّح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير قائلاً: "الرؤية تغيرت.. الإعدام أصبح ضرورة ردعية.
وأضاف أن "الردع الحقيقي لا يتحقق إلا عندما تكون العقوبة نهائية وواضحة"، مؤكداً أن القانون يعكس "التغيير في المفهوم الأمني لدولة إسرائيل" ويعدّ ـ على حد وصفه ـ واجباً وطنياً وأخلاقياً.
نتنياهو يعلن دعمه الرسمي: "الإعدام أصبح واجباً وطنياً"
ومن جانبه، أعلن المسؤول الحكومي عن ملف الرهائن غال هيرش أمام اللجنة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدعم مشروع القانون بشكل رسمي، مشيراً إلى أنه تحدث معه قبيل الجلسة وأكد دعمه الكامل.
كما أوضح هيرش أنه كان قد عارض المشروع في السابق حين كان هناك رهائن على قيد الحياة، لكنه أضاف: "الآن وبعد إعادتهم جميعاً، لم يعد هناك سبب للمعارضة، بل أصبحت الموافقة واجبة.
انقسام سياسي ومخاوف من انفجار جديد في المنطقة
ومن المقرر أن تجري لجنة الأمن القومي التصويت الحاسم يوم الأربعاء المقبل، وسط انقسام سياسي حاد بين أحزاب الائتلاف والمعارضة، ومعارضة قوية من منظمات حقوقية إسرائيلية ودولية وصفت المشروع بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف".
ويرى مراقبون أن تمرير القانون قد يشعل موجة جديدة من العنف في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويزيد من عزلة إسرائيل دولياً، مؤكدين أن "قانون الردع" الإسرائيلي لن يجلب الأمن بل سيغذي دوامة (الدم والانتقام.)
تصعيد سياسي لخدمة اليمين المتطرف
وفي سياق متصل نجد أن دعم نتنياهو وبن جفير لمشروع القانون يأتي في إطار مزايدة سياسية داخل معسكر اليمين المتطرف، في محاولة لتثبيت صورة "الحزم الأمني" أمام الرأي العام الإسرائيلي بعد موجة الانتقادات لأداء الحكومة في غزة.
وأن هذه التحركات "تعكس أزمة داخلية في إسرائيل، حيث يسعى اليمين إلى تحويل الصراع إلى ورقة انتخابية داخلية بدلاً من البحث عن حلول سياسية".
وأن إقرار هذا القانون سيضع إسرائيل في عزلة قانونية وسياسية غير مسبوقة، وسيشكل سابقة خطيرة في تاريخ منظومتها القضائية، حيث بهذا النهج تقترب قانون الغاب وليست دوله قانون حقيقية
"شرعنة الإبادة" وإلغاء فكرة السلام
ومن جانبهم يري مراقبون أن إسرائيل اليوم تسير نحو "شرعنة الإبادة" وتحويل القتل إلى أداة سياسية، وأن تشريع الإعدام للفلسطينيين يعمّق ثقافة الانتقام ويقضي على فرص التسوية.
وما تفعله إسرائيل الآن ليس دفاعاً عن أمنها، بل هو هروب من أزمتها السياسية عبر تصدير الخوف والكراهية للشعب الفلسطيني.
فبهذا النهج هل تحقق إسرائيل الردع فعلاً، أم أنها تزرع بذور حرب جديدة؟
وانعكاس كل ما يجري اليوم ليس سوى فصل جديد من فصول الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المقنّن، في وقتٍ يقف فيه العالم صامتاً أمام قوانين تقتل باسم العدالة وتدفن القانون تحت ركام غزة.











            






0 تعليق