أكد سفير البوسنة والهرسك في القاهرة ثابت سوباشيتش أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل أحد أهم الأحداث الثقافية والتاريخية في القرن الحادي والعشرين، مشيرًا إلى أن حضور قادة العالم مراسم الافتتاح أمس يعكس المكانة الفريدة لهذا الصرح الحضاري.
وقال سوباشيتش، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأحد، إن مصر ترسخ من جديد مكانتها كواحدة من أبرز العواصم الثقافية العالمية، موضحًا أن تقديم صرح ثقافي بهذا الحجم في ظل الأزمات والصراعات الدولية يحمل رسالة أمل بأن الحضارة قادرة على البناء والإبداع لا الدمار.
وقد دشّن الرئيس عبد الفتاح السيسي المتحف المصري الكبير، واصفًا إياه بأنه هدية مصر إلى العالم، في احتفالية عالمية شهدت حضورًا رفيع المستوى من قادة الدول والملوك والرؤساء والأمراء، إلى جانب ممثلين لمنظمات دولية وحقوقية كبرى.
وخلال الحفل، تسلّم كل من القادة الحاضرين نموذجًا مصغرًا من المتحف يحمل اسم دولته، وُضع إلى جانب مجسم ضخم للمشروع، في إشارة رمزية إلى أن هذا الصرح ملك للبشرية جمعاء، قبل أن يضع الرئيس السيسي القطعة الأخيرة التي تمثل مصر، معلنًا رسميًا افتتاح المتحف في لحظة وصفت بـ«التاريخية والمؤثرة».
رسائل ثقافية وسياسية وإنسانية
جاء افتتاح المتحف الكبير حاملًا رسائل متعددة الأبعاد؛ فثقافيًا، أكد على أن الحضارة المصرية القديمة ما تزال مصدر إلهام للبشرية في مجالات القانون والطب والهندسة والفنون، بينما جسدت كلمات الرئيس السيسي رؤية مصر كدولة سلام وإنسانية ترى أن العلم لا يزدهر إلا في ظل الأمن، والثقافة لا تُثمر إلا في مناخ من التفاهم والتعايش.
كما ذكّر الرئيس بقيم قانون "ماعت" الذي وضعه المصري القديم كأول إعلان لحقوق الإنسان واحترام الطبيعة، في دلالة على أن القيم المصرية القديمة لا تزال صالحة لبناء عالم أكثر عدلاً وتوازنًا.
من جانبه، أكد الدكتور خالد العناني، المدير العام لليونسكو، أن المتحف المصري الكبير يمثل نقطة التقاء فريدة بين الماضي والمستقبل، إذ يقدم التاريخ كـ«قوة محركة للفكر الإنساني» لا كأثر ساكن.
كما أشار الجراح المصري العالمي السير مجدي يعقوب إلى أن الطب في مصر القديمة كان مهنة تجمع بين الجسد والروح، مشيدًا باستمرار مصر في ترسيخ فكرة الرعاية الصحية الشاملة التي نشأت جذورها في حضارتها القديمة.
فيما استعرض وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، صاحب فكرة المشروع، رحلة بناء المتحف منذ عام 2002، مؤكدًا أن الإرادة المصرية حولت الحلم إلى واقع رغم التحديات، وأن المتحف يقف على أرض صلبة من الإبداع والإصرار والإيمان برسالة الحضارة المصرية.
المتحف.. منبر للحوار الحضاري ومركز للمعرفة
ويُعد المتحف المصري الكبير أكثر من مجرد صرح أثري أو معماري؛ فهو منصة عالمية للحوار الثقافي ومركز لتقديم التاريخ الإنساني برؤية معاصرة.
فمن داخل قاعاته، تُروى قصة أول معاهدة سلام في التاريخ التي أبرمها الملك رمسيس الثاني في معركة قادش، لتؤكد أن السلام كان في قلب المشروع الحضاري المصري منذ فجر التاريخ.
ويحتضن المتحف أيضًا مرافق تعليمية وبحثية ومنصات تفاعلية ومراكز ثقافية، تجعل منه فضاءً حيًا للمعرفة والإبداع يستقبل ملايين الزوار سنويًا من مختلف أنحاء العالم.
مصر.. قلب التاريخ وروح المستقبل
وبافتتاح المتحف المصري الكبير، تؤكد مصر أن الهوية ليست ماضيًا نحتفي به فحسب، بل طاقة نستلهمها لبناء المستقبل، وأن التراث لا قيمة له ما لم يتحول إلى قوة قادرة على إضاءة طريق الإنسانية.
ومن قلب القاهرة، وعلى خط واحد مع الأهرامات التي أبهرت العالم، يقف المتحف المصري الكبير شاهدًا على قدرة مصر الدائمة على الإبهار والإبداع، ورسالة جديدة تؤكد أن الحضارة المصرية القديمة لا تزال تنبض بالحياة، وتواصل إلهام العالم بمعاني السلام والمحبة والتعايش.












0 تعليق