هناء متولي: افتتاح المتحف المصري الكبير حدث يتجاوز الأثر والمعمار (خاص)

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قالت  الكاتبة الروائية هناء متولي، إن افتتاح المتحف المصري الكبير حدث يتجاوز الأثر والمعمار؛ هو لحظة استعادة لهوية أُنهكت طويلًا بين محاولات الطمس والتشويه. لعقود ظلّ المصري معزولًا عن جذره الأول، يتأرجح بين تيارات متصارعة، بينما صوته الأصيل مطمور تحت ركام الخطاب. يأتي المتحف كإعلان رمزي عن نهاية هذا التيه، يمدّ يده إلى الماضي ليذكّرنا بمن نكون حين لا نتنكر لأنفسنا.

المصري هو من عرف الخلود كموقف جمالي وفلسفي من الوجود

وأشارت الكاتبة الروائية، إلى أنه في قاعات المتحف المصري الكبير المهيبة تتجلى ملامح المصري الذي عرف الخلود كموقف جمالي وفلسفي من الوجود، المصري الذي قدّس فكرة البقاء ورأى في الجمال طريقًا لمقاومة الفناء. رمزية المتحف هنا تتجاوز حدود العرض إلى إعادة المعنى، فالمكان لا يحتفظ بالذاكرة فقط، بل يمنحها جسدًا جديدًا بعد أن ظلّت روحًا تائهة في منافي الخطاب.

وتابعت حديثها عند مدخله، يطلّ تمثال رمسيس الثاني كمن يقول للعالم: عدتُ إلى مكاني. وفي داخله، تتنفس الذاكرة، تستعيد لحمها ودمها، وتعيد إلينا الإحساس بأننا لم نغِب حقًّا، بل كنّا ننتظر لحظة العودة.

مصر ليست مادة للعرض بل مركز يطلّ منه العالم على بداياته

وترى متولي أن خصوصية المتحف المصري الكبير تكمن في فرادته بين متاحف العالم. فبينما تعرض المتاحف الكبرى تنوع الحضارات، يكرّس هذا الصرح مساحته لثقافة واحدة مكتملة: الثقافة المصرية القديمة. هنا تُروى الحكاية الأصلية دون وساطة. القطع التي جابت عواصم العالم تعود إلى موطنها الأول، كأنها خرجت من منفى طويل لتستقر في حضنها الطبيعي. كل تمثال وكل حجر يحمل ذاكرة الرحلة، ويعلن أن مصر ليست مادة للعرض، وإنما مركز يطلّ منه العالم على بداياته.

المتحف فعل مقاومة حضارية ومشروع وعي في آن واحد

وأكدت متولي أن المتحف المصري الكبير فعل مقاومة حضارية ومشروع وعي في آن واحد، واستعادة لمركزٍ ضاع في فوضى الأزمنة، وإعادة تعريف لدور مصر بوصفها خزان الذاكرة الإنسانية. في ضوء واجهته الزجاجية التي تعكس أهرامات الجيزة، يلتقي الماضي بالحاضر في لحظة توازن نادرة، كأن التاريخ نفسه يتنفس للمرة الأولى بعد طول احتباس.

وختمت متولي: المتحف ليس احتفاءً بالماضي، بل انفتاح على المستقبل القادر على مصالحة تاريخه دون أن يتجمد فيه. وعدٌ جديد بأن مصر التي علّمت العالم البناء ما زالت قادرة على إعادة ترتيب المعنى في زمن الفوضى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق