أنظار العالم تتجه للمتحف الكبير «3»

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الجمعة 31/أكتوبر/2025 - 06:17 م 10/31/2025 6:17:43 PM

 يتجه تركيز العالم أجمع نحو القاهرة، وتحديدًا إلى هضبة الأهرام، حيث يقف المتحف المصرى الكبير كأكبر صرح ثقافى مخصص لحضارة واحدة على الإطلاق، معلنًا عن نفسه كنقطة تحول حضارية وسياحية واقتصادية ليس لمصر وحدها، بل للمشهد الثقافى العالمى برمته.

هذا المشروع القومى الضخم، الذى استغرق عقودًا من التخطيط والتنفيذ بأيدى كفاءات مصرية ودولية، يتجاوز كونه مجرد متحف، ليصبح أيقونة معمارية تجسد التلاقى الفريد بين عراقة الماضى وإبهار تكنولوجيا المستقبل. إن موقعه الاستراتيجى، الذى يطل مباشرة على أهرامات الجيزة الخالدة، يخلق حوارًا معماريًا لا مثيل له، حيث تنسجم واجهته الزجاجية ومثلثاته الهندسية المستوحاة من الأهرام مع التاريخ الذى يمتد لآلاف السنين، بينما يمثل تصميمه الأخضر الذكى ريادة بيئية معاصرة كأول متحف فى إفريقيا والشرق الأوسط يحصل على شهادة «EDGE Advance» للاستدامة. يتركز الاهتمام العالمى بشكل خاص على حدث الافتتاح المرتقب اليوم، ليس بصفته مجرد تدشين لمبنى، بل كحدث القرن الثقافى الذى يعيد رسم خريطة السياحة العالمية، حيث من المتوقع أن يستقطب المتحف ملايين الزوار سنويًا، ما يسهم فى إحياء الحركة السياحية الثقافية ويزيد من متوسط الإنفاق السياحى بتحويل المنطقة إلى وجهة متكاملة تشمل الأهرامات والمتحف الجديد والمناطق التجارية والترفيهية المحيطة، محققًا بذلك مردودًا اقتصاديًا هائلًا ومستدامًا، كما قلت أمس فى هذا المكان، ويدعم استراتيجية الدولة فى التنمية الشاملة. أما الجوهرة التى تلفت الأنظار، فهى قاعات عرض كنوز الملك الذهبى توت عنخ آمون، التى ستعرض مجموعتها الكاملة التى تضم أكثر من ٥٣٠٠ قطعة لأول مرة فى تاريخها، فى مشهد إبهار لا مثيل له، حيث تم توظيف أحدث تقنيات العرض المتحفى العالمية، بما فى ذلك التوثيق الرقمى، وشاشات العرض التفاعلية، وتقنيات الواقع المعزز والافتراضى، لتقديم قصة الملك الشاب وحضارة مصر القديمة بلغة معاصرة تخاطب الأجيال الجديدة وتجعل الزائر يعيش تجربة غامرة وحسية لا تنسى. والأهم من ذلك، فإن المتحف يعد عمودًا فقريًا للقوة الناعمة والدبلوماسية الثقافية المصرية، فبصفته منارة للثقافة الإنسانية ومركزًا عالميًا لصون التراث، يرسخ المتحف مكانة مصر الريادية كدولة قادرة على حفظ تراث البشرية وتقديمه للعالم بأفضل صورة، مدعومًا بأكبر مركز للترميم فى الشرق الأوسط، والمجهز بأحدث التكنولوجيا لتدريب الكوادر المصرية والحفاظ على القطع الأثرية وفقًا لأدق المعايير الدولية. إن حضور قادة وزعماء العالم والشخصيات المرموقة لفعاليات الافتتاح اليوم ليس مجرد مشاركة احتفالية، بل هو اعتراف دولى بدور مصر المحورى فى صيانة التراث الحضارى، ورسالة قوية تؤكد أن المتحف المصرى الكبير سفير دائم لمصر لدى الإنسانية، يروى للعالم قصة حضارة عظيمة لا تتوقف شعلتها عن الإلهام، ويمثل شاهدًا على أن مصر الحديثة تجمع بين عبق التاريخ والطموح نحو مستقبل مشرق ومستدام.

والمغزى العميق لزيارة الوفود العالمية رفيعة المستوى، لحضور افتتاح المتحف، يعد اعترافًا دوليًا غير مسبوق بمكانة مصر الحضارية ودورها الريادى فى صون التراث الإنسانى. هذه الزيارة ليست مجرد مشاركة فى حفل، بل تأكيد أن المتحف الكبير هو مشروع عالمى يعزز القوة الناعمة لمصر، ويضعها فى صدارة الدول التى تستخدم الثقافة كأداة للدبلوماسية والسلام والتقارب بين الشعوب. كما أن الحضور الدولى الكثيف يرسل رسالة واضحة حول ثقة العالم فى قدرة الدولة المصرية الحديثة على تنفيذ إنجازات ضخمة بمعايير عالمية، وهو ما يترجم إلى دعم مباشر للقطاع السياحى والاقتصادى المصرى، ويؤكد أن مصر كانت وستظل منارة للثقافة والإنسانية.

ads
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق