سلطت صحيفة The Times البريطانية الضوء على الحدث التاريخي الذي تشهده مصر، مع الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير غدا السبت، بعد أكثر من عقدين من العمل والتأجيلات المتكررة بسبب أحداث سياسية وأزمات عالمية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المتحف المصري الجديد سيُقدم للعالم مجموعة توت عنخ آمون الكاملة لأول مرة في مكان واحد، في خطوة تُعيد صياغة علاقة مصر الحديثة بتراثها العريق.
حلم بدأ قبل 23 عامًا
وتحت عنوانها: "بعد 23 عامًا.. كنوز مصر تجد موطنًا جديدًا فخمًا"، قالت الصحيفة البريطانية في تقرير مطول مدعوم بالصور واللقطات النادرة من داخل المتحف، إن "المشروع الذي بدأ كحلم وطني أصبح اليوم حقيقة تبهر العالم".
وأوضحت أن الفكرة انطلقت قبل ثلاثة وعشرين عامًا عندما وضع الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك حجر الأساس لمتحف ضخم يليق بعظمة الحضارة المصرية.
 
 ففي عام 2002، بدأت الرحلة الطموحة لإنشاء أكبر صرح أثري مخصص لحضارة واحدة في العالم، ليكون موطنًا لآلاف القطع النادرة التي ألهمت أفلامًا ومؤلفات تاريخية على مدى عقود.
طريق طويل من التحديات
وأضافت الصحيفة: أن "مسيرة بناء المتحف تعطلت مرارًا"، بفعل الأحداث التي شهدتها مصر والمنطقة، بدءًا من ثورة يناير عام 2011، مرورًا بجائحة كورونا عام 2020، ثم الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، وحرب غزة عام 2023، وصولًا إلى التوترات الإقليمية في عام 2025.
ورغم كل تلك التحديات، ظل المشروع قائمًا بإرادة الدولة المصرية، حتى لحظة افتتاحه رسميًا على يد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يُدشن اليوم ما وصفته الصحيفة بـ"الجوهرة الأثرية الأضخم والأكبر في العالم".
 
 افتتاح استثنائي ورسالة إلى العالم
وقالت The Times إن مصر تستعد لافتتاح يليق بمكانتها التاريخية، إذ أعلنت الحكومة عطلة رسمية بهذه المناسبة، فيما من المتوقع أن يحضر الحفل الفخم عدد من الملوك ورؤساء الدول.
وأضافت أن الحدث سيكون بمثابة رسالة قوية للعالم بأن التراث المصري في أيدي أمينة وتحت حماية دولة قوية.
وذكرت الصحيفة أن مسابقة التصميم شهدت مشاركة 1557 مهندسًا معماريًا من 83 دولة، فاز بها المكتب الأيرلندي "هينغان بينغ" ومقره دبلن.
وبدأ البناء فعليًا عام 2005 في موقع ملاصق لأهرامات الجيزة، بدعم مالي من اليابان التي قدمت 850 مليون دولار كقروض ميسرة. ورغم توقف العمل لسنوات بعد ثورة 2011، استؤنف المشروع تدريجيًا حتى اكتملت القاعات الرئيسية في عام 2022، ونقلت إليه أكثر من 50 ألف قطعة أثرية، ليفتتح جزئيًا عام 2023، ثم رسميًا في 2025 ليستقبل نحو خمسة ملايين زائر سنويًا.
"مصر آمنة".. رسالة المتحف للعالم
ونقلت الصحيفة عن عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، قوله: "أهم رسالة نرسلها للعالم هي أن مصر آمنة".
وأضاف حواس: "إنه المتحف الوحيد في العالم الذي بني على حافة آخر عجائب الدنيا القديمة الباقية – الهرم الأكبر، والمكان الوحيد الذي ستعرض فيه مجموعة توت عنخ آمون الكاملة لأول مرة في التاريخ".
روائع الهندسة والمحتوى الأثري
وقالت الصحيفة في السياق، إن المتحف يمتد على مساحة 490 ألف متر مربع، يتوسطه تمثال رمسيس الثاني بارتفاع 11 مترًا ووزن 83 طنًا، تحيط به ألواح من المرمر المنقوش بأسماء ملكية فرعونية.
 
 وتؤدي الردهة الفسيحة البالغة 10 آلاف متر مربع إلى رواق ملكي ضخم تصطف على جانبيه ستون تمثالًا فرعونيًا، من بينها تماثيل لحتشبسوت، وتوابيت ذهبية نادرة.

ويضم المتحف 12 قاعة عرض تحتوي على نحو 44 ألف قطعة أثرية، من أدوات ما قبل التاريخ إلى تماثيل المملكة القديمة وتابوت يويا من الأسرة الثامنة عشرة.
أما جوهرة التاج فهي قاعتا توت عنخ آمون بمساحة 7 آلاف متر مربع، وتضمان أكثر من 5 آلاف قطعة من مقتنياته الأصلية.
القناع الذهبي.. أيقونة العالم القديم
قال حواس في تصريحه للصحيفة: "سيشاهد الزوار أجمل قطعة أثرية صُنعت على الإطلاق في العالم القديم، وربما في أي عالم آخر — القناع الذهبي لتوت عنخ آمون".
 
 يوضع القناع الجنائزي المصنوع من الذهب الخالص ويزن 11 كيلوجرامًا، مطعم بالأحجار الكريمة كاللازورد والسبج، فوق مومياء الملك الشاب، إلى جانب عرباته الحربية وتوابيته التي ما تزال شاهدة على عظمة وادي الملوك.
كنوز لا تقدر بثمن
تشمل المقتنيات الأخرى الأثاث المذهب والمجوهرات من مقبرة الملكة حتب حرس الأولى، والدة الملك خوفو، وتماثيل الفرعون المحارب سيتي الأول، والملك الثوري إخناتون.
كما يضم المتحف مركبين شمسيين للملك خوفو رمما بتعاون مصري-ياباني، إضافة إلى توابيت من سقارة وخبيئة العساسيف في الأقصر، المعروضة لأول مرة.















 
                
            
0 تعليق