عقد الجهاز المركزي للمحاسبات جلسة نقاشية بعنوان “آفاق الذكاء الاصطناعي في المراجعة العامة... الطريق نحو حوكمة مستدامة” ناقشت دور التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي في تطوير منظومات الحوكمة وتعزيز الشفافية والاستدامة داخل مؤسسات الدولة.
شارك في الجلسة الدكتورة نجوى بدر، رئيس جامعة شرق لندن – فرع القاهرة بالجامعات الأوروبية، والدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية الأسبق، والدكتور علي فهمي، عميد كلية الذكاء الاصطناعي بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، عثمان عزب، مدير فرع ISACA بالقاهرة، هشام فاروق مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتطوير التكنولوجي، والسيدة هايدي مرزم، مسؤولة التواصل والمعلومات بمنظمة اليونسكو.
استهل الدكتور أحمد درويش النقاش بالتأكيد على أهمية بناء نماذج وطنية للذكاء الاصطناعي تُصمَّم وتُدرَّب على بيانات محلية تعكس خصوصية البيئة المصرية، بدلًا من الاعتماد الكامل على النماذج الأجنبية مثل ChatGPT وGemini وDeepSeek. وأوضح أن معظم النماذج العالمية تحمل قدرًا من التحيز المعرفي والثقافي لأنها تعتمد على بيانات تم جمعها في بيئات مختلفة، مشيرًا إلى أن الدول النامية بحاجة إلى تطوير نماذج أصغر موجهة لمشكلات محددة يمكن تدريبها محليًا بموارد محدودة، لتكون أكثر فاعلية في دعم متخذي القرار داخل المؤسسات الحكومية. كما أكد أن تبنّي مثل هذه النماذج سيسهم في رفع كفاءة العمل الحكومي وتمكين الكوادر الوطنية من التعامل بفعالية مع التقنيات الحديثة.
فيما استعرض الدكتور على فهمي عددًا من النماذج الدولية الناجحة التي وظّفت الذكاء الاصطناعي في دعم نظم الرقابة والحوكمة، مثل تجربة المملكة المتحدة في تحليل بيانات الضرائب، وتجربة الاتحاد الأوروبي في تسريع عمليات المراجعة، ومبادرات كلٍّ من البرازيل وكوريا الجنوبية في بناء نظم وطنية ذكية لمتابعة المال العام. وأكد أن نجاح هذه التجارب لا يعتمد فقط على قوة الخوارزميات، بل يرتكز على بنية بيانات موحدة، ونماذج قابلة للتفسير، ومشاركة بشرية فعالة في اتخاذ القرار، وضمانات أخلاقية واضحة تنظم عملية الاستخدام وتحافظ على الخصوصية والأمن المعلوماتي، مع ضرورة عدم الاكتفاء بالمراجعة العادية ولكن المراجعة الاستباقية لتفادي الأخطاء قبل حدوثها.
من جانبه، أشار هشام فاروق إلى جهود الدولة المصرية في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025–2030، والتي تستهدف بناء منظومة متكاملة تشمل الحوكمة والبنية التحتية والكوادر البشرية. وتم استعراض التوجه نحو منهجية البيانات المفتوحة (Open Data) التي أطلقتها وزارة الاتصالات، بما يتيح مشاركة البيانات بين الجهات الحكومية بشكل آمن ومسؤول لتغذية النماذج الذكية وتحسين عملية صنع القرار.
واختتمت هايدي مرزم الجلسة بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة واعدة لتعزيز الحوكمة المستدامة في مؤسسات الدولة، شريطة أن يُستخدم في إطار من الشفافية والمساءلة، وأن يظل العنصر البشري محور القرار النهائي وضامن التوازن بين التطور التقني والقيم الأخلاقية في إدارة المال العام.












0 تعليق