فقدت صوتها.. تعرض شادية لأزمة صعبة كادت تنهي مسيرتها الفنية

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لم تكن شادية يومًا تعرف أن الطريق إلى الإسكندرية سيحمل لها واحدة من أقسى المحن في حياتها، محنة كادت أن تُنهي مسيرة فتاة الأحلام وصوت العذوبة المصرية، ركبت القطار متجهة إلى عروس البحر لتغني لجمهورها السكندري، لكن شيئًا غريبًا بدأ يتسلل إلى جسدها وهي تقف على المسرح، كان صوتها يختفي ببطء، وكأن القدر قرر أن يصمت تلك الحنجرة التي أسعدت الملايين.

شادية تفقد صوتها

حاولت شادية أن تكمل الغناء، لكن الصوت لم يعد يطاوعها، لم يخرج كما تعودت، وتوقفت وسط الحفل، تغالب دموعها التي سقطت بصمت أمام الجمهور، خرجت من القاعة وهي تشعر أن شيئًا كبيرًا انكسر بداخلها، لم يكن الألم جسديًا فقط، بل كان يحمل وجعًا نفسيًا عميقًا، فالفنانة الشابة كانت لا تزال تحاول نسيان حبيبها الذي فقدته في حرب 1948، لكنها وجدت نفسها تفقد ما تبقى لها من حياة.. صوتها.

شادية 

اصطحبها والدها إلى الطبيب الشهير علي المفتي، أستاذ الأنف والأذن والحنجرة، الذي فحصها طويلًا قبل أن ينطق بجملة كانت كالسيف في قلبها: "صوتك لن يعود كما كان إلا إذا سافرتِ للعلاج بالخارج"، لم يتردد والدها، فقد كان يرى في عيني ابنته وجعًا أكبر من المرض، وكان يعلم أن السفر قد يكون الخلاص.

سفر شادية إلى إسطنبول

وافقت شادية على السفر إلى إسطنبول، حيث يعيش خالها، رغم أنها لم تره من قبل، كانت تلك المرة الأولى التي تغادر فيها مصر، لكنها لم تعلم أن الرحلة التي بدأت بالعلاج ستتحول إلى رحلة اكتشاف جديدة للذات، من الإسكندرية ركبت الباخرة بصحبة والديها، ومع ابتعاد الميناء عن عينيها، شعرت بشيء لم تعرفه من قبل. كان قلبها يخفق بقوة، كأنها تودع وطنًا أحبته دون أن تدرك عمق هذا الحب إلا في لحظة الفراق، قالت في مذكراتها: «عندما يدق قلبي فهذا معناه الحب.. لقد شعرت بحبي لمصر وأنا أبتعد عنها».

مرّت شادية ببيروت أولًا، حيث التقت الزعيم رياض الصلح، الذي دعاها وأسرتها إلى الغداء، ثم واصلت الرحلة إلى إسطنبول، لكنها حين وصلت، لم يصل صوتها معها، ظل صامتًا، وكأن الغربة عقدت لسانه، كان الصمت هذه المرة أكثر قسوة، لأنها بدأت تتخيل مستقبلها بلا غناء، بلا سينما، بلا حياة، كتبت في مذكراتها التي يرصدها موقع تحيا مصر أنها تخيلت نفسها بطلة للأفلام الصامتة، في زمن أصبحت فيه كل الأفلام ناطقة.

عودة صوت شادية

حاول أهل أمها في إسطنبول أن يخففوا عنها، أحاطوها بالحب والدعاء والأمل، بينما كانت هي بين الخوف والإيمان تنتظر معجزة، وفي اليوم الأخير من رحلتها، قبل عودتها إلى مصر، حدثت المعجزة بالفعل، استيقظت شادية لتكتشف أن صوتها عاد، عادت نبراته، دفئه، موسيقاه، وعادت معه الحياة إلى وجهها وابتسامتها.

كانت تلك اللحظة ميلادًا جديدًا لصوت مصر الرقيق، الذي سيبقى بعد ذلك رمزًا للحب والحنين والقوة، أدركت شادية بعد تلك التجربة أن صوتها لم يكن فقط هبة فنية، بل كان امتدادًا لروحها، وأنه حين ضاع منها للحظات، كان ذلك درسًا لتعرف قيمة ما أعطاها الله، وقيمة الوطن الذي لا يكتشف الإنسان حبه إلا حين يبتعد عنه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق