قال المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الأردني نضال أبوزيد، إن الجهود الدبلوماسية التي بذلها الوسطاء الإقليميون والدوليون تفرض الآن ضرورة بتمرير خطة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدًا أن قمة شرم الشيخ الذي عقد مؤخرًا أصبح خطوة ملحة لمرحلة ما بعد الحرب، لتوضيح تفاصيل الأيام اللاحقة وتبيان آليات تثبيت الهدنة.
وأضاف أبوزيد في تصريحات لـ"الدستور"، أن هناك محاولات واضحة من الجانب الإسرائيلي لإعاقة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والعودة إلى خيار القتال، لكن البيئة الدولية والإقليمية تدفع باتجاه المرور على أقل تقدير بالمرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، وهو ما يمثل مطلبًا ملحًا وهو حماية للمدنيين ومنعًا لمزيد من التصعيد والانزلاق نحو الحرب.
واشنطن مدركة حجم الاستنزاف الذي تعرضت له قوات الاحتلال
وأوضح أن الحديث عن اتفاق وقف إطلاق النار يتناول خطوط تماس تمكن الاحتلال من الانسحاب إلى مواقع محددة- كما يسميها المتداولون بـ«الخط الأصفر»- ثم هناك ما يعرف بـ«الخط الأحمر» الذي يتوقع أن يستكمل الانسحاب إليه خلال المرحلة الثانية عند البدء في تنفيذ بنود الترتيبات اللاحقة. ورغم ذلك، لاحظ أن هناك محاولات إسرائيلية لتحويل الاتفاق إلى صياغة هشة لا تؤمن شروط التثبيت المطلوبة.
وأشار أبوزيد، إلى أن الجانب الأمريكي مدرك جيدًا لحجم الاستنزاف الذي تعرضت له قوات الاحتلال، وهو ما تعززه مؤشرات وصول مسؤولين عسكريين أمريكيين رفيعي المستوى إلى المنطقة، بما يُظهر وعيًا أمريكيًا بحدود الخيار العسكري وعدم قدرته على الحسم.
وأضاف أن هذا الوعي الدولي ينعكس إيجابًا على خيار الحل الدبلوماسي كمسار يُمكن من كسب وقت واستقرار نسبي.
من جانب آخر، لفت إلى أن المقاومة والحاضنة الشعبية أظهرت رغبة في عدم العودة إلى القتال والاكتفاء ببنود الاتفاق المتفق عليها في شرم الشيخ، ما يعكس إرادة جماهيرية لتثبيت التهدئة، أما الجانب الإسرائيلي، حسب قوله، فيسعى إلى نموذج مختلف من القتال قد يندرج تحت عمليات انتقائية أو «عمليات صيد مريح» بحيث تنفذ ضربات من دون اشتباكات واسعة، وهو ما يعكس محاولة لتجاوز مستوى الاستنزاف الذي تعرَّض له الجيش.
وأكد أبوزيد أن الجميع- دولًا وإقليميًا- يدفعون باتجاه تمرير اتفاق شرم الشيخ حتى ولو بشكل مرحلي، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار والانتقال إلى المرحلة الثانية الأصعب التي تتضمن ثلاثة شروط رئيسية على رأسها: تجريد السلاح المنفلت للمقاومة، انسحاب قوات الاحتلال من «الخط الأصفر» إلى «الخط الأحمر»، وإدارة مرحلة انتقالية لقطاع غزة بمشاركة قوى وكفاءات فلسطينية وربما دولية.
وختم بالقول إن تحقيق هذه الاشتراطات يمثل المفتاح لبدء عملية إعادة الإعمار واستعادة الحياة الطبيعية في القطاع، مشددًا على أن ثبات وقف إطلاق النار هو الضمانة الوحيدة؛ لتجنّب العودة إلى الكارثة التي عانى منها المدنيون طيلة الفترة الماضية.
















0 تعليق