وأوضح الوزير أن مناقشة الميزانية تأتي في ظرف دولي يتسم بتقلبات اقتصادية وجيوسياسية أثّرت على أسواق الطاقة، حيث انخفض متوسط سعر النفط الخام الجزائري بنسبة 15% ليستقر عند 71 دولارًا للبرميل خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025، مقابل 84 دولارًا خلال نفس الفترة من السنة الماضية، كما تراجعت أسعار الغاز بنسبة 1,1%.
ورغم هذه التحديات، أبرز محمد عرقاب أن القطاع حقق نتائج إيجابية بفضل الجهود المبذولة في مجالي الاستكشاف والإنتاج، إذ تمكن مجمع سوناطراك خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2025 من إنجاز 7824 كيلومترًا من المسح الزلزالي الثنائي الأبعاد و7768 كيلومترًا مربعًا من المسح الثلاثي الأبعاد، إلى جانب 466 ألف متر من أعمال الحفر الاستكشافي والتطويري، ما أفضى إلى 13 اكتشافًا جديدًا للمحروقات بجهد وطني خالص. كما استقر الإنتاج المسوّق من المحروقات عند 128 مليون طن مكافئ نفط إلى غاية نهاية سبتمبر 2025، فيما بلغت عائدات الصادرات 31 مليار دولار، وسُجلت جباية بترولية تقديرية بـ 2834 مليار دينار جزائري، أي ما يمثل 82% من القيمة المسطرة في قانون المالية لسنة 2025.
وأشار الوزير إلى أن الاستهلاك المحلي للمشتقات النفطية واصل ارتفاعه ليقارب 15 مليون طن، نتيجة زيادة الطلب على الديزل والبنزين وغاز البترول المميع. أما في فرع المناجم، فقد شهد الإنتاج ارتفاعًا في المواد الحديدية وغير الحديدية مثل الحديد وكربونات الكالسيوم والباريت والدولوميت والفلدسبات، بفضل دخول مصانع جديدة حيز الخدمة في قسنطينة ومعسكر وعنابة وتلمسان، مما سمح بتغطية السوق المحلية وتصدير حوالي 900 ألف طن من الفوسفات بقيمة تفوق 80 مليون دولار خلال النصف الأول من السنة الجارية. كما بلغت الاستثمارات في القطاع نحو 5 مليارات دولار خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2025، فيما وصل عدد العمال إلى 200 ألف، بزيادة قدرها 9000 منصب شغل مباشر مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024.
وفيما يخص آفاق سنة 2026، كشف الوزير أن الإنتاج الأولي المسوّق من المحروقات سيرتفع بنسبة 2% ليبلغ 193 مليون طن مكافئ نفط، مدعومًا بزيادة إنتاج النفط الخام والغاز. كما ستتواصل الجهود لتطوير الصناعة البتروكيميائية والتكرير، حيث يُنجز حاليًا مشروع مصفاة حاسي مسعود الجديدة بطاقة إنتاجية تبلغ 5 ملايين طن سنويًا، إلى جانب مشاريع أخرى مثل وحدة تكسير الفيول بسكيكدة ومشروع تحويل النافتا بأرزيو لإنتاج الوقود.
وفي مجال البتروكيمياء، أوضح الوزير أن عدة مجمعات جديدة لإنتاج مواد مثل البولي بروبيلان والألكيل بنزين الخطي (LAB) تشهد تقدمًا في الأشغال بنسبة تقارب 40%. كما أشار إلى الديناميكية الاستثمارية التي يعرفها القطاع، من خلال توقيع خمسة عقود جديدة للمحروقات في إطار جولة العروض الدولية "Algeria Bid Round 2025"، بالإضافة إلى ثلاثة عقود بصيغة تقاسم الإنتاج مع شركات SINOPEC (الصين)، ENI (إيطاليا) وMIDAD (السعودية)، بإجمالي استثمارات تفوق 7 مليارات دولار، ما يعكس جاذبية الإطار القانوني الجديد (القانون 19-13) وثقة الشركاء الأجانب في السوق الجزائرية.
أما في فرع المناجم، فأكد الوزير مواصلة تنفيذ المشاريع الهيكلية الكبرى، وعلى رأسها مشروع غار جبيلات للحديد الذي دخل مرحلة الإنجاز الأولى بطاقة معالجة تقدر بـ 4 ملايين طن سنويًا، ومشروع الزنك والرصاص بوادي أميزور–تالة حمزة (بجاية) الذي استكملت جميع إجراءاته التقنية والإدارية، إضافة إلى مشروع الفوسفات المدمج بتبسة وسوق أهراس، الذي يشهد تقدمًا في الدراسات التقنية وسيمكن من استخراج 10,5 ملايين طن من الفوسفات الخام سنويًا لإنتاج 6,6 ملايين طن من الأسمدة واليوريا ابتداءً من سنة 2027. كما يشمل البرنامج الوطني للبحث والاستكشاف المنجمي 26 مشروعًا موزعة على 17 ولاية، مع تخصيص 1,7 مليار دينار جزائري في ميزانية 2026 لاستكمال المشاريع المتبقية.
وفي الجانب البيئي، أكد الوزير التزام الجزائر بخفض انبعاثات الميثان إلى أقل من 1% بحلول سنة 2030، واستثمار أكثر من مليار دولار في مشاريع إعادة التشجير وتخزين الكربون على مساحة 520 ألف هكتار، تعزيزًا لجهود الحد من الانبعاثات وتحقيق التنمية المستدامة. كما كشف عن إعداد دراسة لتطوير إنتاج الوقود المستدام للطيران (SAF) وفق المعايير الدولية.
وفي إطار الأمن المائي، أوضح السيد عرقاب أن القطاع يساهم في تشغيل 19 محطة لتحلية مياه البحر بطاقة تفوق 3,8 ملايين متر مكعب يوميًا لتغطية 42% من الطلب الوطني على مياه الشرب، إلى جانب إطلاق مشاريع لإنجاز ثلاث محطات جديدة في الشلف ومستغانم وتلمسان بطاقة إجمالية تبلغ 900 ألف متر مكعب يوميًا، ما سيسمح بتغطية 60% من الاحتياجات الوطنية في أفق 2030.
أما في مجال الرقمنة وتحديث الإدارة، فقد أشار الوزير إلى تطوير منصات رقمية مثل "تصاريح" و**"مركبتي DZ"** لتبسيط الإجراءات الإدارية للمواطنين والمستثمرين، مع تعزيز الأمن السيبراني بالتعاون مع وزارة الدفاع الوطني لحماية الأنظمة المعلوماتية والصناعية.
وفي ختام عرضه، أعلن السيد محمد عرقاب أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يتضمن جباية بترولية تقديرية بقيمة 2698 مليار دينار جزائري على أساس سعر مرجعي قدره 60 دولارًا للبرميل، وميزانية قطاعية إجمالية بـ 129 مليار دينار جزائري موجهة أساسًا لدعم مشاريع تحلية مياه البحر والمناجم والبحث المنجمي، موزعة كما يلي:
62,8 مليار دج لمشروع ربط غار جبيلات بالكهرباء والغاز،
63,2 مليار دج لدعم برنامج تحلية مياه البحر،
1,7 مليار دج لبرنامج البحث المنجمي،
1,08 مليار دج لتسيير الإدارة العامة للقطاع.
وختم الوزير بالتأكيد على أن هذه المؤشرات الإيجابية تعكس التوجه الاستراتيجي للدولة نحو تعزيز الأمن الطاقوي والمائي، وتنويع الاقتصاد الوطني، وتثمين الموارد الطبيعية في إطار تنمية مستدامة وشاملة.















0 تعليق