في مشهد اقتصادي متقلب، حيث تتقاطع السياسة بالطاقة، عادت أسعار النفط للهبوط مجددًا بعد موجة صعود قصيرة، ورغم ما أثارته العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد عملاقي النفط الروسي "روسنفت" و"لوك أويل" من ضجة في الأسواق، فإن حالة من الشك أخذت تتسلل إلى أوساط المستثمرين حول مدى التزام واشنطن بتنفيذ تلك العقوبات بصرامة، وهو ما انعكس فورًا على حركة الأسعار في الأسواق العالمية.
الضغط على موسكو لوقف الحرب الدائرة في أوكرانيا
شهدت الأسواق العالمية يوم الجمعة تراجعًا طفيفًا في أسعار النفط، متأثرة بحالة من الترقب والريبة بشأن مدى جدية إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تطبيق العقوبات الجديدة المفروضة على أكبر شركتين روسيتين منتجتين للنفط، في إطار الضغط على موسكو لوقف الحرب الدائرة في أوكرانيا.
تراجع أسعار النفط العالمي
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 5 سنتات، أي ما يعادل 0.1%، لتغلق عند 65.94 دولارًا للبرميل، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 29 سنتًا، بنسبة 0.5%، ليستقر عند 61.50 دولارًا للبرميل.
وكان الخامان قد حققا مكاسب قوية في جلسة الخميس تجاوزت 5%، لكنهما فقدا جزءًا منها في الساعات الأخيرة من تعاملات الجمعة. ومع ذلك، أنهى كل من برنت وغرب تكساس الأسبوع على ارتفاع يتجاوز 7%، وهو أكبر صعود أسبوعي منذ منتصف يونيو الماضي.
وقال "جون كيلدف"، الشريك في شركة Again Capital LLC، إن الأسواق بدأت تشك في مدى صرامة العقوبات الأمريكية الجديدة، مشيرًا إلى أن اللهجة السياسية لا تزال تفوق التنفيذ الفعلي على أرض الواقع.
العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب استهدفت شركتي روسنفت ولوك أويل الروسيتين، اللتين تمثلان معًا أكثر من 5% من الإنتاج النفطي العالمي، وتُعد روسيا ثاني أكبر منتج للخام عالميًا بعد الولايات المتحدة، مما يجعل أي تحرك ضد شركاتها مؤثرًا بشكل مباشر على سوق الطاقة العالمي.
علقت شركات النفط الحكومية الصينية مشترياتها من الخام الروسي مؤقتًا
وبحسب تقارير لوكالة "رويترز"، فقد علقت شركات النفط الحكومية الصينية مشترياتها من الخام الروسي مؤقتًا، فيما بدأت شركات التكرير الهندية في دراسة تقليص وارداتها من النفط الروسي المنقول بحرًا، لتجنّب تداعيات العقوبات الغربية.
وصادرات النفط الروسية إلى الهند ستكون الأكثر تأثرًا بالعقوبات، في حين أن المصافي الصينية قد تتجنب التأثر الحاد نظرًا لتعدد مصادرها من الخام ووفرة المخزون المحلي.
وفي المقابل، صرح وزير النفط الكويتي بأن منظمة أوبك مستعدة للتدخل لتعويض أي نقص محتمل في الإمدادات إذا تطلبت السوق ذلك.
الدور الروسي في استقرار سوق النفط العالمي
من جانبها، أكدت الولايات المتحدة أنها لن تتردد في اتخاذ خطوات إضافية إذا استدعت الحاجة، بينما وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العقوبات بأنها "غير ودية" ولن تؤثر جوهريًا على اقتصاد بلاده، مشددًا على أهمية الدور الروسي في استقرار سوق النفط العالمي.
كما أعلنت بريطانيا فرض عقوبات مماثلة على الشركتين الروسيتين، في حين اعتمد الاتحاد الأوروبي الحزمة التاسعة عشرة من عقوباته ضد موسكو، والتي تضمنت حظرًا جديدًا على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، بالإضافة إلى إدراج شركات صينية كبرى على القائمة السوداء لارتباطها بالقطاع النفطي الروسي.
وتتجه الأنظار حاليًا إلى اللقاء المرتقب بين ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ الأسبوع المقبل، والذي من المتوقع أن يبحث تهدئة التوترات التجارية بين البلدين، وسط آمال بأن تسهم أي انفراجة في استقرار أسواق الطاقة العالمية.















0 تعليق