السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.. أم أبيها

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الإثنين 20/أكتوبر/2025 - 04:59 م 10/20/2025 4:59:00 PM

هي فاطمة بنت محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله سيّدة نساء العالمين وأصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وآله من السيدة خديجة بنت خويلد عليها السلام.
وُلدت الزهراء عليها السلام في مكة المكرمة بعد البعثة بخمس سنوات تقريبًا في بيتٍ مشرقٍ بنور النبوّة فكانت زهرةً طاهرةً في بيت الطهر والعفاف.
وقد نشأت في ظلّ أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله فشبّت على التقوى والإيمان وامتلأت قلبًا وعقلًا وروحًا بالنور الإلهي والهدي النبوي.
نَشأتها في بيت النبوّة
عاشت الزهراء طفولتها في أجواء الدعوة الإسلامية الأولى، فرأت ما لاقاه أبوها من أذى قريش، فكانت تمسح عن جبينه الشريف الغبار وتواسيه، حتى لُقِّبت بـ"أم أبيها".
غمرها النبي صلى الله عليه وآله بعطفه وحنانه وكان يقول عنها:"فاطمة بضعة مني، من أغضبها فقد أغضبني."
وقال أيضًا: "إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها".
قال الإمام علي عليه السلام عنها: "نِعمَ العونُ على طاعةِ الله."
وقال الشاعر الكميت الأسدي:
بنتُ النبيِّ وأمُّ السبطينِ سيدةُ الـ.. نسوانِ ما عُبِدتْ شمسٌ ولا قمرُ
قصة زواجها من الإمام علي عليه السلام
بعد الهجرة إلى المدينة تقدم كبار الصحابة لخطبة فاطمة الزهراء عليها السلام فكان النبي صلى الله عليه وآله يردّهم بلطف قائلًا: "أمرها إلى الله."
حتى جاء علي بن أبي طالب عليه السلام وكان فقيرًا لا يملك من الدنيا إلا سيفه ودرعه وبعيره، فلما دخل على النبي صلى الله عليه وآله لخطبتها تبسّم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال له: "يا علي هل عندك شيء تُصدقها به؟"
قال: "لا يا رسول الله إلا دِرعي الحُطمية."
فقال النبي صلى الله عليه وآله: "أمّا درعك فبعها وادفعها صداقًا لفاطمة."
وكان مهرها أربعمائة وثمانين درهمًا مهرًا بسيطًا لكنه أغلى المهور بركةً وشرفًا.
ثم جمع النبي صلى الله عليه وآله الصحابة وخطب فيهم قائلًا: "إن الله أمرني أن أزوّج فاطمة من علي، فشهدوا أني قد زوّجته إياها على أربعمائة مثقال فضّة إن رضي بذلك."
وكان زواجًا سماويًا مباركًا، جمع بين أطهر رجلٍ وأطهر امرأةٍ على وجه الأرض بعد رسول الله صلى الله عليه وآله  .
وزُفّت فاطمة إلى بيت علي عليه السلام في ليلةٍ من ليالي المدينة المضيئة بالإيمان، فكانت حياتهما مثالًا للتقوى والزهد والمودة والرحمة.
أولادها
رزقها الله أربعة من الأولاد الطاهرين، هؤلاء الأبناء هم سلسلة النور الإلهي الذين حفظ الله بهم دينه ورفع ذكر بيت النبي صلى الله عليه وآله.
- الإمام الحسن بن علي عليه السلام.
- الإمام الحسين بن علي عليه السلام.
- السيدة زينب الكبرى عليها السلام.
- أم كلثوم عليها السلام.
- المحسن عليها السلام توفي جنينا.

مآثرها وفضائلها
كانت الزهراء عليها السلام رمزًا للعبادة والزهد والعطاء كانت تقوم الليل كله في الصلاة والدعاء حتى تتورم قدماها، وكانت تطعم الفقراء والمساكين مع أهل بيتها رغم حاجتهم، فنزل فيهم قوله تعالى: "ويطعمون الطعام على حبّه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا" (الإنسان: 8- 9)
كما كانت مثالًا في الصبر والثبات على البلاء بعد وفاة أبيها، فلم يزدها الألم إلا قربًا من الله وإيمانًا بقضائه.
ما قيل فيها من الكتاب والسنة
وردت في حقّها آيات وأحاديث كثيرة تبين مكانتها العظيمة منها:
قول الله تعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا". (الأحزاب: 33).
وقول النبي صلى الله عليه وآله: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة".
وقوله صلى الله عليه وآله: "إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها."
بديع كلامها 
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وقفت الزهراء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله تخطب خطبتها المشهورة المعروفة بـ"الخطبة الفدكية" التي تُعدّ من أبلغ الخطب في التاريخ. ومما قالت فيها:
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم والثناء بما قدّم من عموم نعم ابتدأها وسبوغ آلاء أسداها وتمام منن أولاها، جمّ عن الإحصاء عددها ونأى عن الجزاء أمدها وتفاوت عن الإدراك أبدها وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتّصالها واستحمد إلى الخلائق بإجزالها وثنى بالندب إلى أمثالها وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها وضمّن القلوب موصولها وأنار في التفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته، ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها، كوّنها بقدرته وذرأها بمشيّته من غير حاجة منه إلى تكوينها ولا فائدة له في تصويرها إلا تثبيتًا لحكمته وتنبيهًا على طاعته، وإظهارًا لقدرته وتعبّدًا لبريته وإعزازًا لدعوته ثم جعل الثواب على طاعته ووضع العقاب على معصيته ذيادة لعباده عن نقمته وحياشة لهم إلى جنته.
وأشهد أنّ أبي محمدًا النبي الأمي، صلى الله عليه وآله، عبده ورسوله، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله، وسمّاه قبل أن اجتباه، واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة وبستر الأهاويل مصونة وبنهاية العدم مقرونة، علمًا من الله تعالى بمآيل الأمور وإحاطة بحوادث الدهور ومعرفة بمواقع الأمور.
ابتعثه الله إتمامًا لأمره وعزيمة على إمضاء حكمه وإنفاذًا لمقادير حتمه، فرأى الأمم فرقًا في أديانها، عُكّفًا على نيرانها، عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانها، فأنار الله بأبي محمد (صلى الله عليه وآله) ظُلَمَها وكشف عن القلوب بهمها وجلّى عن الأبصار غممها وقام في الناس بالهداية، فأنقذهم من الغواية وبصّرهم من العماية وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم.
ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار ورغبة وإيثار فمحمد (صلى الله عليه وآله) من تَعَب هذه الدار في راحة، قد حُفّ بالملائكة الأبرار ورضوان الرب الغفّار ومجاورة الملك الجبّار، صلّى الله على أبي، نبيّه وأمينه على الوحي وصفيّه في الذكر وخيرته من الخلق ورضيّه والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
ثم التفتت (عليها السلام) إلى أهل المجلس وقالت: أنتم عباد الله نصُبُ أمره ونهيه وحملة دينه ووحيه وأمناء الله على أنفسكم وبلغاؤه إلى الأمم وزعيم حق له فيكم وعهد قدّمه إليكم وبقيّة استخلفها عليكم: كتاب الله الناطق والقرآن الصادق والنور الساطع والضياء اللامع بيّنة بصائره منكشفة سرائره منجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائدًا إلى الرضوان أتباعه، مؤدٍّ إلى النجاة استماعه، به تنال حجج الله المنوّرة وعزائمه المفسّرة ومحارمه المحذّرة وبيّناته الجالية وبراهينه الكافية وفضائله المندوبة ورخصه الموهوبة وشرائعه المكتوبة.
فجعل الله الإيمان تطهيرًا لكم من الشرك والصلاة تنزيهًا لكم عن الكبر والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق والصيام تثبيتًا للإخلاص والحج تشييدًا للدين والعدل تنسيقًا للقلوب وطاعتنا نظامًا للملّة وإمامتنا أمانًا من الفرقة، والجهاد عزًّا للإسلام (وذلًا لأهل الكفر والنفاق) والصبر معونة على استيجاب الأجر والأمر بالمعروف مصلحة للعامة وبرّ الوالدين وقاية من السخط وصلة الأرحام منسأة في العمر ومنماة للعدد والقصاص حقنًا للدماء والوفاء بالنذر تعريضًا للمغفرة وتوفية المكاييل والموازين تغييرًا للبخس والنهي عن شرب الخمر تنزيهًا عن الرجس واجتناب القذف حجابًا عن اللعنة وترك السرقة إيجابًا للعفّة وحرّم الله الشرك إخلاصًا له بالربوبية، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وأطيعوا الله في ما أمركم به وما نهاكم عنه، فإنه إنما يخشى الله من عباده العلماءُ.
كانت خطبتها هذه احتجاجًا على ضياع الحقوق وصوتًا للحق والعدالة وحجةً خالدة في وجه الانحراف وتنبيها على مقاصد الشريعة وبيانا لحكمة الله من الأمر بها.
وفاتها
لم يطل حزنها على فراق أبيها صلى الله عليه وآله، فقد توفيت بعده بستة أشهر فقط، سنة 11هـ وهي في نحو الثالثة والعشرين من عمرها تقريبا.
وقد أوصت بأن تُدفن ليلًا وألا يعلم أحد قبرها إلا القليل فدُفنت في المدينة المنوّرة واختلفت الروايات في موضع مثواها الشريف (في البقيع أو بيتها أو الروضة).
الدروس المستفادة من حياتها
• الزهد في الدنيا والتعلّق بالآخرة.
• الصبر على البلاء والثبات في المبدأ.
• القدوة في العبادة والتربية والعطاء.
• الدفاع عن الحق بالحكمة والعلم والحجة.
• تكريم المرأة بدورها في بناء الأسرة والمجتمع.
خاتمة
تبقى فاطمة الزهراء عليها السلام منارةً خالدة في التاريخ الإنساني والإسلامي، جمعت بين العلم والإيمان والرحمة والجهاد والزهد والكرامة، هي بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وزوجة الإمام علي عليه وأمّ الأئمة الأطهار وسيدة نساء العالمين.
سيرتها دربٌ من النور ومثالٌ لكل مؤمنةٍ تسعى إلى رضوان الله.
*
قصيدة للشاعر محمد إقبال في مدح الزهراء عليها السلام:
المجد يشرق من ثلاث مطالع.. في مــهد فاطمة فما اعلاها
هي بنت من هي زوج من هي ام من؟.. من ذا يداني في الفخار اباها
هي ومضة من نور عين المصطفى.. هادي الشعوب اذا تروم هداها
هو رحمة للعالمين وكعبة الآ.. مال في الدنيا وفي آخراها
من ايقظ الفطر النيام بروحه.. وكأنه بعد البلى احياها
وأعاد تاريخ الحياة جديدة.. مثل العرائس من جديد حلاها
ولزوج فاطمة بسورة(هل أتى).. تاج يفوق الشمس عند ضحاها
أسد بحصن الله يرمي المشكلات.. بصقيل يمحو سطور دجاها
ايوانه كوخ وكنز ثرائه.. سيف غدى بيمينه تياها
في روض فاطمة نما غصنان لم.. ينجبهما في النيرات سواها
فأمير قافلة الجهاد وقطب دائرة.. الوئام والاتحاد ابناها
حسن الذي صان الجماعة بعدما.. أمسى تفرقها يحل عراها
ترك الخلافه ثم اصبح في الديار.. امام الفتها وحسن علاها
وحسين في الابرار والاحرار ما.. أزكى شمائله وما أنداها
فتعلموا دين اليقين من الحسين.. اذا الحوادث اظمات بلظاها
وتعلموا حرية الايمان من.. صبر الحسين وقد اجاب نداها
الامهات يلدن للشمس ضياء.. وللجواهر حسنها وصفاها
ما سيرة الابناء الا الامهات.. فهم اذا بلغوا الرقي صداها
هي أسوة للامهات وقدوة.. يترسم القمر المنير خطاها
لما شكا المحتاج خلف رحابها.. رقت لتلك النفس في شكواها
جادت لتنقذه برهن خمارها.. يا سحب اين نداك من جدواها
نور تهاب النار قدس جلاله.. زمنى الكواكب ان تنال ضياها
جعلت من الصبر الجميل غذائها.. ورأت رضا الزوج الكريم رضاها
فمها يرتل آى ربك بينما.. يدها تدير على الشعير رحاها
بلت وسادتها لآليء دمعها.. من طول خشيتها ومن تقواها
جبريل نحو العرش يرفع دمعها.. كالطل يروي في الجنان رباها
لولا وقوفي عند أمر المصطفى.. وحدود شرعته ونحن فداها
لمضيت للتطواف حول ضريحها.. وغمرت بالقبلات طيب ثراها

ads
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق