منحت إسرائيل حركة حماس مهلة من عدة أيام لإعادة ما تبقى من جثث الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بحسب ما كشفت تقارير صحفية إسرائيلية، الخميس.
وقال موقع "والا" العبري إن الحكومة الإسرائيلية أبلغت الوسطاء الدوليين أنها ستعيد النظر في حجم المساعدات الإنسانية المقدمة إلى القطاع إذا لم تستجب حماس وتسلم الجثث خلال المهلة المحددة.
تسليم جزئي وتبريرات ميدانية
وفق البيانات الرسمية، سلّمت حماس حتى الآن 20 رهينة أحياء و9 جثث فقط من أصل 28 رهينة متوفين.
وأعلنت الحركة أنها سلّمت "ما بين يديها من الرهائن الأحياء والموتى"، مؤكدة أنها تفتقر إلى المعدات اللازمة لاستخراج باقي الجثث من تحت الركام، في ظل الدمار الكبير الذي خلّفته الحرب المستمرة منذ عامين في القطاع.
إسرائيل تتهم الحركة بالمماطلة
في المقابل، يرى مسؤولون إسرائيليون أن حماس تحتفظ بجثث إضافية يمكنها تسليمها بسهولة.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في تصريحات صحفية:
"نعلم يقينًا أن حماس قادرة على إطلاق سراح عدد كبير من جثث الرهائن بسهولة وفقًا للاتفاق. ما يفعلونه الآن يُعد انتهاكًا جوهريًا لاتفاق غزة."
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية تعتبر تأخر الحركة في تسليم الجثث خرقًا مباشرًا لبنود اتفاق إنهاء الحرب، وأن الرد سيكون عبر تقليص المساعدات وإعادة تقييم مسار التهدئة.
تحرّك دبلوماسي أميركي لاحتواء الأزمة
وفي محاولة لتفادي تصعيد جديد، كشفت القناة 12 الإسرائيلية أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر أجرى محادثات مع مبعوثي واشنطن ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، إلى جانب قائد القيادة المركزية الأميركية، لبحث سبل تنفيذ اتفاق إنهاء الحرب في غزة.
وذكرت القناة أن الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أنها حريصة على استمرار تنفيذ الاتفاق رغم التأخر في إعادة الجثث، مشددة على ضرورة الحفاظ على مسار التهدئة وعدم العودة إلى العمليات العسكرية.
اتفاق غزة على المحك
يمثل الخلاف حول جثث الرهائن اختبارًا حقيقيًا لاتفاق غزة، الذي ينص على وقف تدريجي لإطلاق النار، وتبادل الأسرى والجثث، مقابل تسهيل دخول المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار القطاع.
ويرى مراقبون أن الملف الإنساني تحول إلى أداة ضغط متبادلة، إذ تسعى إسرائيل لربط المساعدات بالتزامات حماس، بينما تحاول الأخيرة تجنّب الظهور بمظهر الطرف الضعيف أمام جمهورها الداخلي.
كارثة إنسانية تلوح في الأفق
يعيش سكان قطاع غزة وضعًا إنسانيًا بالغ الصعوبة، حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 70% من السكان يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء والمأوى.
ويحذر مسؤولون أمميون من أن أي تقليص جديد في المساعدات قد يؤدي إلى كارثة إنسانية شاملة، لا سيما في المناطق الشمالية التي ما تزال مدمّرة وتفتقر إلى الخدمات الأساسية.
تحليل: المهلة الإسرائيلية.. ورقة ضغط أم اختبار للاتفاق؟
يرى محللون أن المهلة التي منحتها إسرائيل لحماس تحمل أبعادًا سياسية أكثر من كونها إنسانية، إذ تسعى تل أبيب إلى إظهار الحزم أمام الرأي العام الداخلي وفي الوقت نفسه اختبار مدى التزام حماس بالاتفاقيات الجارية.
كما تحاول إسرائيل، من خلال التلويح بقطع المساعدات، إعادة ضبط ميزان التفاوض بما يخدم مصالحها الأمنية والسياسية، خصوصًا في ظل الضغوط الأميركية للتهدئة.
أما حماس، فتدرك أن تقديم تنازلات في هذا الملف قد يُفقدها أوراق قوة تفاوضية مهمة، لذلك تحاول الموازنة بين ضغوط الخارج وصعوبات الداخل، حيث يعيق الدمار الشامل وغياب المعدات قدرتها على تنفيذ المطالب الإسرائيلية بالكامل.
وبين ضغوط السياسة وتعقيدات الميدان، يبقى ملف الجثث والرهائن أحد أكثر الملفات حساسية وتشابكًا في المرحلة الراهنة، إذ يحمل في طياته أبعادًا إنسانية ودبلوماسية وأمنية تجعل من كل خطوة فيه اختبارًا حقيقيًا لإمكانية تحول اتفاق غزة من نصٍّ تفاوضي إلى واقع ملموس.
0 تعليق