كوارث أكبر من الانتصارات

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الأحد 29/سبتمبر/2024 - 10:13 ص 9/29/2024 10:13:18 AM

الآن يتوحد العالم ويتكاتف من أجل القضاء على الفوضى والإرهاب، ومنع الحروب، ومكافحة الأمراض، وإحلال السلام وتكريس الاستقرار. 
ولكن يبدو أن منطقتنا العربية لم تشبع ولم ترتوي من الحروب التي خاضتها منذ ثمانين عاما. والتي تدفع ثمنها الشعوب البائسة، والتي انتجب الاف الضحايا والأيتام والمصابين والعجزة فضلا عن المشردين، ومن شوهتهم الحروب. فضلا عما يعانيه هؤلاء من النتائج الاقتصادية البائسة التي سببتها لهم الحروب وتركتهم غالبا في حالة عوز وفقر. 
لا يوجد قائد ديموقراطي، يأخذ ما يتحمله هؤلاء الضحايا في اعتباره، حين يتخذ قرار الحرب. 
ربما كانت أهداف هؤلاء القادة اثبات واكتشاف وحشيّة العدوّ الإسرائيليّ. وتقديم دليل قاطع على تلك الوحشية التي تنهش مقدراتنا وشعوبنا، هذا الدليل الذي يريدون اثباته، دليل قاطع وظاهر ويراه العالم أجمع، ولكنه أصبح يتغاضى عنه، لم تعد تلك الصورة عن إسرائيل تهمه كثيرا. لفرط تكرارها، وظهورنا بمظهر الذليل في كل مرة. لقد أصبحت تلك الصور على بشاعتها، مكررة وباردة في عيون الغرب، ولم يعد يهتم بها..
في كل الحروب التي تخوضها الدول المحترمة والراقية، يحسب قادتها حسابات المكسب والخسارة والفائدة من الحرب، قبل الدخول في الحرب، ولا توجد دولة دخلت حرب بإرادتها، إلا وكان لها غرض سيأسى تفرضه، أو غرض اقتصادي تبتغيه، وربما لفك حصار اقتصادي أو تحقيق أي هدف آخر، حتى ولو كان توسعيا مثل ما فعل هتلر وموسليني وقادة الدول الذين تعاطفوا معه. ومن قبلهم نابليون بونابرت.
يسمي بعض الساسة الكبار، الحرب بأنها التفاوض بالنيران. الحرب اليوم لم تعد ساحة معركة؛ إنها معاناة، إنها قتل وموت واصابات جسيمة، ومدن مدمرة ونساء وأطفال تم التضحية بهم دون سبب، وعالم دمرته الحروب. ودمرته رياح الوحشية والجنون التي تنتاب بعض القادة المتحمسين، وتدفع الشعوب البسيطة الثمن.
قرارات الحرب يتخذها القادة في غرف مغلقة، وفي الدول الديموقراطية لابد أن يوافق البرلمان على قرار الحرب، لأنه قرار خطير يتعلق بمستقبل الشعب وهو من سيدفع التكاليف، اما في الدول التي يحكمها الأباطرة، فإن قرارات الحرب يتخذها القادة بإرادتهم المنفردة لإرضاء غرورهم،  ويؤيدها المنافقون من اتباعهم، ولا مجال للنقاش أو بحث الجدوى والنتائج، من يعترض يكون مصيره القتل والسجن على اقل تقدير، مثلما أختار صدام حسين قرار الحرب ضد الكويت في اغسطس 1989، وكانت النتيجة كارثية على الكويت والعراق والمنطقة العربية كلها، واوجدت تحالفا دوليا ضد العراق، وتم تدميرها، وتقسيمها الى طوائف، وانهار اقتصادها، بعد ان كان يفيض على الدول الأخرى مثل سوريا والجزائر ومصر تونس والأردن. الآن العراق ما زال يعيش مريضا من جراء قرار حرب كان خاطئا بكل المقاييس.
ودفعت القضية الفلسطينية ثمن تأييد قرار صدام حسين صدام حسين. 
وهو نفس القرار الذي اختاره قادة حماس، يوم بدأت الحرب على إسرائيل، في 7 أكتوبر 2023. لم تكتف التداعيات الاقتصادية على حماس وغزة واسرائيل والضفة الغربية فقط، فقط بل أثرت على بقية دول الجوار أيضًا إذ وصلت الخسائر الشهرية لقطاع السياحة في الأردن حوالي 250 مليون دولار، أما قناة السويس فوصلت الخسائر المباشرة إلى ملياري دولار.
اما لبنان فقد دفعت ثمنا فادحا، وتحمل الشعب اللبناني عذاب التهجير دون ذنب سوى إنه على ارضه نشأ حزب الله الذي يوالي إيران ويأتمر بأمرها.
لقد دخلت حماس الحرب وكانت تهدف من قرار دخول تحقيق الأهداف التي تريدها وهي، محاولة فك الحصار المفروض على غزة من قبل إسرائيل منذ 16 عامًا. وانهاء السيطرة الأمنية العسكرية على معابر غزة التي تعتبر شريان الغذاء والدواء والطاقة والتجارة. والتخلص من هيمنة إسرائيل على الضرائب والنظام المصرفي والكهرباء والمياه والغاز والبلديات المحلية.
ولكن هل تحقق شيء من ذلك؟ ولا شك ان ما دفعته منظمة حماس من تضحيات، فاقت 42 الف شهيد من الفلسطينيين، فضلا عن إصابة اكثر من 90 الف مصاب، وتهدم اكثر من 80 % من المنشآت الحيوية في غزة تحتاج لمليارات الدولارات لإعادة اعمارها، فضلا عمن تم تشريهم من الأهالي وخسائرهم النفسية والمادية، وقد دفعت المنظمة مقابل ذلك اغتيال ابرز قادتاها وبعض قوادها وخيرة رجالها. 
وهل حققت إسرائيل ما تدف اليه من تحقيق الأمن، وتحرير الأسرى الذين استمرت الحرب من اجلهم، لم يحدث شيء من ذلك.
يحتاج السلام، الى قرار جريء، وقادة عظام أكثر جراءة، يتحملون المسئولية امام شعوبهم لإنقاذ ما تبقى. واحلال السلام والطمأنينة والرخاء لأبناء بلادهم ومواطنيهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق