لم يكن عام 2025 عامًا عاديًا في سجل الطاقة المصري، بل جاء كاختبار حقيقي لقدرة الدولة على الصمود أمام ضغوط متلاحقة فرضتها حرارة غير مسبوقة، وتراجع في إمدادات الغاز، وطلب كهرباء بلغ ذروته التاريخية، وبينما كانت دول عدة تعاني الانقطاعات، اختارت مصر طريق الإدارة الذكية والقرارات الجريئة، فخرجت من العام بأوراق قوة جديدة، ورسائل طمأنة للأسواق والمواطنين معًا.
الزيادة القياسية في استهلاك الكهرباء
شهد قطاع الطاقة المصري خلال عام 2025 مرحلة دقيقة اتسمت بتحديات مركبة، في مقدمتها الزيادة القياسية في استهلاك الكهرباء بالتزامن مع تراجع إمدادات الغاز الطبيعي.
إلا أن المشهد العام انتهى بنتائج إيجابية، بعدما نجحت الدولة في عبور صيف شديد القسوة دون اللجوء إلى تخفيف الأحمال، في إنجاز أعاد الثقة إلى منظومة الطاقة بالكامل.
اعتمدت الحكومة على مزيج من الحلول السريعة والاستراتيجيات طويلة الأمد، كان أبرزها التوسع في قدرات إعادة تغويز الغاز المسال.
فخلال أشهر قليلة، عززت مصر بنيتها التحتية عبر وحدات عائمة جديدة في موانئ العين السخنة ودمياط، لترتفع القدرة الإجمالية إلى ما يقرب من 2.8 مليار قدم مكعبة يوميًا، ما أتاح مرونة كبيرة في مواجهة أي طارئ.
أعلى استهلاك في تاريخ الشبكة المصرية عند نحو 40 ألف ميغاواط
بالتوازي، شهدت واردات الغاز المسال قفزة غير مسبوقة، إذ تضاعفت الكميات المستوردة أكثر من ثلاث مرات مقارنة بالعام السابق، لتقترب من 9 ملايين طن، وهذا التحرك عكس توجهًا واضحًا لتأمين احتياجات محطات الكهرباء، خاصة خلال أشهر الذروة، التي سجلت أعلى استهلاك في تاريخ الشبكة المصرية عند نحو 40 ألف ميغاواط.
وعلى صعيد الإمدادات الإقليمية، تعاملت القاهرة بمرونة مع تذبذب واردات الغاز عبر الأنابيب، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية وأعمال الصيانة بالحقول المجاورة، مع الحفاظ على مستوى إجمالي مستقر من الواردات السنوية، مدعومًا باتفاقيات طويلة الأجل تضمن استدامة التدفقات مستقبلًا.
في المقابل، لم يقتصر الأداء على الاستيراد، بل شهد عام 2025 نشاطًا ملحوظًا في ملف الاستكشافات.
فقد أُعلن عن عشرات الاكتشافات الجديدة في البحر المتوسط، ودلتا النيل، والصحراء الغربية، أضافت احتياطيات معتبرة من الغاز والنفط، وفتحت الباب أمام بدء إنتاج سريع من عدد من الآبار، لتعويض التراجع الطبيعي في الحقول القديمة.
ومع نهاية العام، بدأت مؤشرات تعافي إنتاج الغاز المحلي في الظهور، بعدما ارتفعت المعدلات تدريجيًا لتقترب من 4.2 مليار قدم مكعبة يوميًا، ما عزز آمال العودة القوية للتصدير خلال الفترات المقبلة.
توقيع اتفاقيات جديدة لتخزين الكهرباء وتوطين صناعة الخلايا الشمسية
وفي سياق موازٍ، واصل قطاع الطاقة المتجددة تقدمه بثبات، مع دخول مشروعات رياح وشمس عملاقة حيز التشغيل، وتوقيع اتفاقيات جديدة لتخزين الكهرباء، وتوطين صناعة الخلايا الشمسية، وهذا التحول يعكس رؤية واضحة لتنويع مزيج الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
كما شهد العام تطورات استراتيجية بارزة، شملت تعزيز التعاون الإقليمي في غاز شرق المتوسط، والتقدم في مشروع الضبعة النووي، واستئناف تصدير الغاز المسال، إلى جانب إطلاق مشروعات للهيدروجين والأمونيا الخضراء، والوقود المستدام للطائرات.
بهذا المشهد المتكامل، أنهى قطاع الطاقة المصري عام 2025 وهو أكثر تماسكًا، واضعًا أسس مرحلة جديدة تجمع بين الأمن الطاقي، والاستدامة، وتعزيز الدور الإقليمي لمصر كمركز محوري للطاقة.


















0 تعليق