مثّل عام 2025 عامًا محوريًا فى مسار الحرب التى أشعلت شرارتها فى قطاع غزة قبل عامين بعد هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل، إذ تراوحت التطورات بين استمرار الصراع العسكرى وتصاعد الأزمة الإنسانية، وصولًا إلى اتفاق هدنة أنهى واحدة من أطول جولات العنف فى المنطقة، بعد جهود دبلوماسية عربية ودولية مُكثفة، كان الدور المصرى فيها محوريًا.
أزمة إنسانية متفاقمة تحت الحصار
طوال العام، ظل قطاع غزة يعيش تحت وطأة أزمة إنسانية متفاقمة نتيجة الحرب والعوامل الهيكلية التي سبقتها، لكن الحصار الذي فرضته السلطات الإسرائيلية على إدخال المساعدات الغذائية والطبية والمعيشية كان أحد أبرز المعيقات التي زادت من حدة المعاناة الإنسانية للسكان، حيث لعب دورًا كبيرًا في الإضرار بقدرة القطاع على مواجهة احتياجاته الأساسية.
دخول محدود للمساعدات وتفاقم المعاناة
وفي سياق ذلك، أظهرت تقارير صحفية وميدانية أن السلطات الإسرائيلية سمحت بدخول كميات محدودة جدًا من الشاحنات المحمّلة بالمساعدات إلى غزة، وكانت الكميات التي تصل لا تتناسب مع احتياجات الملايين من السكان، ما وضع آلاف العائلات في وضع هشّ وعرضة لسوء التغذية ونقص الأدوية والمياه النظيفة..
قيود على معبر رفح وعودة الشاحنات
ووفقًا لتقارير صحفية، فإن إسرائيل أجبرت عشرات الشاحنات على العودة رغم انتظارها في الجانب المصري من معبر رفح، بينما يتم إخضاع الشاحنات التي تدخل لإجراءات تفتيش طويلة قد تقلل من كمية المواد التي تصل إلى السكان.
كما أن قائمة المواد الممنوع إدخالها إلى القطاع كانت طويلة، وشملت تجهيزات طبية حيوية وخيمًا ومعدات بنية تحتية؛ مما عمّق الأزمة الإنسانية وعرقل جهود المنظمات الدولية لتقديم الدعم العاجل للسكان الذين يعيشون أوضاعًا بالغة الصعوبة.
تحذيرات من شبح المجاعة في غزة
من جانبه، حذّر المكتب الإعلامي الحكومي لقطاع غزة من أن استمرار إغلاق المعابر من جانب إسرائيل ومنع دخول المساعدات قد يعيد شبح المجاعة والكارثة الإنسانية إلى الواجهة، في وقت يعيش فيه أكثر من مليوني فلسطيني في الظروف نفسها.
وفي خضم هذه المعاناة، حاولت بعض الجهات الدولية الضغط لإدخال المساعدات، إلا أن التعنت على المستوى السياسي ومواقف قادت إلى تأخير دخول المواد الأساسية إلى السكان، مما أدى إلى تراجع مستوى الأمن الغذائي والمائي، وارتفاع مخاطر انتشار الأمراض على نحو غير مسبوق.
كما واجهت جهات الإغاثة الدولية تحديات جسيمة في إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع؛ بسبب القيود المفروضة من الجانب الإسرائيلي، وهو ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوقية وإنسانية عبر المجتمع الدولي، معتبرة أن منع دخول المساعدات الأساسية هو عامل يؤجج الأزمة الإنسانية ويهدد حياة المدنيين، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
ضغط ميداني على المنظومة الصحية
وعلى المستوى الميداني، شهد العام استمرارية العمليات العسكرية في أجزاء من القطاع، ما زاد الضغط على البنية التحتية الصحية التي كانت في الأصل متدهورة، مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وكان العاملون في المجال الصحي يغرقون في حالات استثنائية من نقص الموارد وسط تزايد الإصابات والأمراض غير المنقولة وقد أدت هذه الظروف الصعبة إلى ارتفاع أعداد المصابين والأمراض مرتبطة بسوء التغذية ونقص النظافة الصحية.
حراك دبلوماسي مكثف وتحذيرات دولية
في المقابل، تصاعد الحراك الدبلوماسي والسياسي طوال العام، في ظل دعوات أممية وصادرة من مؤسسات دولية عدة للضغط من أجل هدنة انسحاب الصراع، وإدخال المزيد من المساعدات، وإنهاء الحصار المفروض على السكان المدنيين. وقد كان التوتر الإقليمي والدولي حاضرًا في الكثير من هذه الجهود، مع تحذيرات من أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يجر المنطقة إلى مزيد من التدهور.
الدور المصري في دفع جهود التهدئة
وفي هذا السياق، كان للدور المصري تأثير بالغ في دفع ملف التهدئة إلى الأمام، إذ اضطلعت القاهرة بمساعٍ حثيثة لعقد لقاءات ومشاورات بين الأطراف المعنية، بالتنسيق مع دول عربية ودولية، بهدف وضع حدّ للحرب التي خلفت دمارًا واسعاً وأزمة إنسانية متفاقمة في غزة.. واستضافت مصر جلسات مكثفة من المباحثات غير المباشرة، وأجرت اتصالات مع الفاعلين المعنيين للوصول إلى صيغة توافقية تفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار.. وتأتي هذه الجهود في إطار الدور التقليدي لمصر كوسيط محايد وفاعل في النزاعات الإقليمية، انطلاقًا من مسؤوليتها تجاه الأشقاء الفلسطينيين وحرصها على الاستقرار في المنطقة.
ووفق ما تم الإعلان عنه في أواخر أكتوبر الماضي، نجح المسار المصري في التوصل إلى اتفاق هدنة أوقف القتال بعد عامين من الحرب، تضمن وقف إطلاق النار وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية والوقود، وإن كان بشكل محدود نتيجة القيود الإسرائيلية، ولا يزال أمام المجتمع الدولي عمل لضمان استدامة هذه الهدنة وتعزيزها.
ومع نهاية عام 2025، يظل الأمل معقودًا على تثبيت الهدنة، وتحقيق انفراجة حقيقية في الأوضاع المعيشية وقضايا إعادة الإعمار في غزة، وسط استمرار دعوات المجتمع الدولي لدعم جهود السلام، وتأكيدات على ضرورة احترام حقوق المدنيين في ظل ظروف مستجدة تتطلب تضامنًا دوليًا وإقليميًا.

















0 تعليق