شهدت الأيام الماضية حالة من الغضب العارم داخل الأوساط التعليمية وفي الشارع المصري بعد انتشار فيديو لتعدي بعض الطلاب على معلمة في إحدى مدارس الإسكندرية وهي تستغيث من سلوك مجموعة من الطلاب الذين اقتحموا غرفتها الدراسية وأرهبوها بسوء تعاملهم وتصرفاتهم غير المنضبطة.
المعلمة ظهرت في مقطع الفيديو في حالة انهيار تام، تروي تفاصيل ما تعرضت له من إهانة وتهديد داخل المدرسة، وهو ما أثار موجة واسعة من التعاطف معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودفع رواد السوشيال ميديا للمطالبة باتخاذ إجراءات عقابية رادعة ضد الطلاب المتورطين.
في البداية قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن هذه الواقعة المؤسفة أعادت طرح سؤال مهم حول حدود الانضباط داخل المدارس، ومسؤولية كل من الطالب والمعلم والإدارة التعليمية في الحفاظ على بيئة تعليمية آمنة.
عقوبات الطلاب المعتدين على معلمة الإسكندرية
وأضافت خضر خلال تصريح خاص لـ ''البوابة'' أنه بعد الجدل الكبير من الواقعة تحرك عدد من نواب البرلمان بسرعة، وأكدوا أن ما تعرضت له المعلمة ليس فقط تجاوزاً أخلاقياً، بل يُعد انتهاكاً صريحاً لهيبة المعلم وقدسية العملية التعليمية، وهو ما يستوجب تطبيق العقوبات المناسبة على الطلاب وفق القوانين واللوائح المعمول بها.
وأوضحت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن العقوبات التي يمكن فرضها على الطلاب تختلف بحسب جسامة الفعل، وتشمل:
أولاً: العقوبات التربوية
وهي العقوبات التي تفرضها المدرسة داخل إطارها الداخلي، مثل الإنذار الكتابي، أو استدعاء ولي الأمر، أو خصم درجات من السلوك، أو منع الطالب من المشاركة في الأنشطة المدرسية. وتُعد هذه العقوبات إجراءً إصلاحياً يهدف إلى تقويم السلوك، لا إلى الانتقام أو الإيذاء.
ثانياً: العقوبات التأديبية
وتشمل النقل إلى فصل آخر، أو الفصل المؤقت من المدرسة لمدة محددة، أو الإحالة إلى مجلس التأديب المدرسي للنظر في مدى خطورة السلوك، مضيفة أن هذه العقوبات تُفرض في حال تجاوز الطالب للحدود المتعارف عليها وارتكابه أفعالاً تمس أمن واستقرار المدرسة.
ثالثاً: العقوبات القانونية
وهي أخطر أنواع العقوبات، وتُطبق في حال كان الطالب قد تجاوز سن المسؤولية القانونية، أو ارتكب فعلاً يدخل تحت طائلة القانون مثل التعدي اللفظي أو البدني على موظف عام أثناء تأدية عمله، مؤكدة أنه في هذه الحالة يمكن أن تُحال الواقعة للنيابة العامة، ويُحاسب الطالب أو ولي أمره بحسب طبيعة الجريمة المنصوص عليها في قانون العقوبات.
وأشارت الدكتورة سامية خضر إلى أن المعلم ليس شخصاً عادياً داخل المدرسة، بل هو موظف عام يؤدي واجبه في تربية الأجيال، والاعتداء عليه سواء لفظياً أو جسدياً يُعد جريمة لها عقوبات واضحة.
وطالبت بضرورة إصدار تعليمات فورية للمدارس لمراجعة منظومة الانضباط المدرسي، وزيادة عدد المشرفين، وتفعيل كاميرات المراقبة داخل الممرات والفصول لحماية المعلمين والطلاب.
التعليم تفتح تحقيق عاجل
أعلنت وزارة التربية والتعليم أنها بدأت تحقيقاً عاجلاً في الواقعة، وأنه سيتم تطبيق العقوبات وفق اللوائح دون تهاون، كما أكدت أن احترام المعلم هو أساس العملية التعليمية، وأن أي تعدٍ عليه سيتم الرد عليه بحزم، حمايةً للمدرسة ولسمعة التعليم في مصر.
وبين دعوات الغضب الشعبي، ومطالب البرلمان، وتحركات الوزارة، تبقى ضرورة إعادة ترسيخ قيم الاحترام والانضباط داخل المدارس أمراً لا غنى عنه، حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث التي تهدد كيان التعليم وتؤثر على المعلم والطالب على حد سواء.
قرارات رادعة من وزارة التربية والتعليم ضد الطلاب
وجه محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة تجاه واقعة مدرسة عبد السلام المحجوب بالإسكندرية، في ضوء مقطع الفيديو الذي تم تداوله داخل أحد الفصول، والذي ظهر خلاله عدد من الطلاب يمارسون سلوكيات غير منضبطة متعمدين خلالها إهانة إحدى المعلمات بالمدرسة.
وقرر الوزير محمد عبد اللطيف إحالة الواقعة كاملة إلى الشئون القانونية لاتخاذ أقصى أنواع الجزاءات بحق كل من يثبت تقصيره أو تورطه من إدارة المدرسة والإدارة التعليمية.
كما وجه الوزير بفصل الطلاب المشاركين في الواقعة فصلًا نهائيًا لمدة عام، مع عدم السماح بقيدهم بأي مدرسة أخرى قبل العام الدراسي ٢٠٢٦ / ٢٠٢٧.
وشدد الوزير محمد عبد اللطيف على أن كرامة المعلّم خط أحمر، مؤكدًا أن الوزارة لن تتهاون ولن تسمح بأي شكل من أشكال التجاوز أو الإساءة التي تمسّ هيبة المعلّم، وأن الانضباط المدرسي واحترام المعلّم هما الأساس الذي تُبنى عليه العملية التعليمية، مشيرًا إلى أن أي محاولة للإخلال بالنظام المدرسي أو تجاوز في حق أي معلم سيقابل بإجراءات رادعة وفورية.
تعليق اتحاد أمهات مصر على واقعة إهانة معلمة الإسكندرية
من جانبها قالت عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم وائتلاف أولياء الأمور، تعليقا على الفيديو المتداول من داخل إحدى مدارس محافظة الإسكندرية، والذي يظهر فيه تجاوز من بعض الطلاب تجاه مُعلّمة أثناء الحصة، وهو مشهد مؤسف لا يليق بالمعلم ولا بالمدرسة ولا بالعملية التعليمية كلها.
وأكدت عبير أن احترام المعلّمة واجب على كل طالب، وإن المدرسة يجب أن تكون مكانًا يحفظ كرامة المعلّم ويضمن بيئة منضبطة تساعده على أداء رسالته.
وطالبت مؤسس اتحاد أمهات، وزارة التربية والتعليم بالتدخل السريع، ومراجعة الإشراف داخل المدرسة، واتخاذ الإجراءات التي تضمن عدم تكرار هذه المواقف، والعمل على تعزيز قيم الانضباط والاحترام داخل الفصول.
كما أكدت أن دور أولياء الأمور هو الأساس في تشكيل سلوك الأبناء داخل المدرسة، فالقيم التي يكتسبها الطالب من البيت تنعكس مباشرة على تعامله مع المعلم وزملائه.
وأوضحت مؤسس اتحاد أمهات، أن الطريقة التي يتحدث بها الأب أو الأم عن المعلم أمام أبنائهم يترتب عليها شكل احترامهم له، لذلك من المهم أن يغرس كل ولي أمر داخل أبنائه معنى التقدير والتهذيب، وأن المدرسة ليست مكانًا للضحك أو الفوضى، بل بيئة لتعلّم المعرفة وتكوين الشخصية.
ودعت عبير، أولياء الأمور إلى متابعة أبنائهم بشكل مستمر، والتحدث معهم بوضوح عن مسؤولياتهم وكيفية التعبير عن آرائهم دون تجاوز أو إساءة، مؤكدة أن التواصل الهادئ بين الأسرة والمدرسة هو الطريق الصحيح لمعالجة أي سلوك غير منضبط.
وشددت مؤسس اتحاد أمهات، على أن تربية الأبناء على احترام المعلم ليست مجرد تعليمات مدرسية، بل قيمة أخلاقية تساهم في بناء جيل واعٍ ومسؤول قادر على احترام الآخرين والحفاظ على بيئته التعليمية.
عقوبات متوقعة على الطلاب المعتدين على معلمة الإسكندرية
وعلق الدكتور صلاح الطحاوي الفقيه القانوني وأستاذ القانون الدولي على الواقعة، مؤكداً أنها وصمة عارف في جبين الطلاب الذين تعاملوا بسخرية وإهانة واضحة ضد معلمتهم بشكل غير مقبول ويتوجب معاقبتهم بشكل يعيد هيبة المدرسة ولذلك فهناك بعض العقوبات المتوقعة على الطلاب مرتكبي الواقعة.
أنواع العقوبات
لجنة الحماية المدرسية: هي أول جهة تتخذ قرارًا في المخالفات.
الفصل المؤقت: فصل الطالب لمدة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين في المخالفات الأولية.
الفصل النهائي: في الحالات المتكررة أو الخطيرة، قد يتم فصل الطالب نهائيًا من المدرسة.
النقل: قد يتم نقل الطالب إلى مدرسة أخرى.
إجراءات أخرى:
إحالة الطالب للإخصائي الاجتماعي والنفسي لوضع خطة تدخل.
الحرمان من بعض الأنشطة المدرسية.
استدعاء ولي الأمر وأخذ تعهد كتابي.
إذا لم يستجب ولي الأمر، قد يتم إحالة الأمر إلى الإدارة القانونية واتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.
عقوبات قانونية
في حالات الضرب أو الاعتداء الجسدي الشديد، يمكن أن تتحول الواقعة إلى قضية جنائية.
عقوبة الاعتداء اللفظي: قد تشمل غرامة مالية أو سجنًا قصيرًا.
إجراءات إضافية
الإشراف والمتابعة: تتحمل الإدارة المدرسية مسؤولية متابعة الواقعة وتقديم تقرير للجهات المختصة.
هيبة المؤسسة التعليمية: تهدف هذه الإجراءات إلى الحفاظ على بيئة تعليمية صحية وآمنة وصون كرامة المعلمين.








0 تعليق