مؤتمر جامعة دار الكلمة في قبرص يفتح نقاشًا معمقًا حول تجديد الفكر الديني

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهد اليوم الثاني من مؤتمر جامعة دار الكلمة “اللوثرية الإنجيلية”، المنعقد بمدينة ليماسول القبرصية تحت عنوان “الرؤى والطموحات المستقبلية”، جلسات فكرية موسعة تناولت تحولات الشرق الأوسط وخياراته المستقبلية، وذلك ضمن محور رئيسي ركّز على العلاقة المتشابكة بين الدين والسياسة في المنطقة.

جلسة فكرية تبحث عن مسارات جديدة للتجديد

وافتتحت الجلسة الأولى تحت عنوان “تجديد البنى السياسية والفكر الديني”، بمداخلات نقدية حاولت تفكيك الإشكاليات التاريخية والمعاصرة التي تحكم العلاقة بين المجالين الديني والسياسي، مع طرح رؤى بديلة تتجاوز أنماط الصراع والاستقطاب.

وفي مداخلة فكرية موسعة، طرح الدكتور عدنان المقراني، أستاذ الدراسات الإسلامية المسيحية بالجامعة البابوية الغريغورية في روما، مقاربة لاهوتية تقوم على مفهوم اللاعنف، معتبرًا أن هذا المفهوم لا يقتصر على رفض القهر والاحتلال، بل يمتد ليشمل نقدًا جذريًا للبنية العالمية السائدة سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، والتي تقوم  بحسب وصفه  على الإقصاء والعنف الرمزي والمادي.

وأوضح المقراني أن اللاعنف يعيد للدين دوره الإنساني والأخلاقي، ويؤسس لنمط من التدين الحر غير القسري، يكون محوره الإنسان وكرامته، مشيرًا إلى أن هذه الرؤية تلتقي مع تيارات لاهوتية حديثة عابرة للأديان، تسعى جميعها إلى مواجهة أشكال مختلفة من الظلم والتهميش.

الإصلاح الديني بين الضرورة والالتباس السياسي

من جانبه، تناول الدكتور جورج فهمي، مدير البحوث بمنتدى البدائل العربية، مسألة الإصلاح الديني في السياق العربي، مشيرًا إلى أن هذا المفهوم غالبًا ما يُطرح دون تحديد شروطه أو مضمونه.

ولفت فهمي إلى أن بعض الفاعلين السياسيين والدينيين يوظفون خطاب الإصلاح الديني لتحقيق أهداف سياسية آنية، ما يؤدي إلى إفراغ المفهوم من مضمونه الحقيقي، مؤكدًا أن أي إصلاح ديني جاد لا يمكن فصله عن مسار إصلاح سياسي يضمن الحريات ويكفل التعددية.

وفي إطار تحليلي، قدّم اللاهوتي الأرثوذكسي اللبناني الدكتور أسعد قطان رؤية نقدية للعلاقة بين الفكر الديني والبنى السياسية، مستعرضًا ثلاثة أنماط رئيسية شكّلت هذه العلاقة في العالم العربي، هي النموذج الطائفي، والنموذج الغيبي، والنموذج القائم على تذويب الدين في السلطة السياسية.

وأوضح قطان أن هذه النماذج، رغم اختلافها، أسهمت في تعقيد عملية تجديد الفكر الديني، وفرضت قيودًا على دوره في المجال العام.

تفكيك النماذج التقليدية وبحث عن أفق جديد

كما شارك الدكتور جابي هاشم، أستاذ اللاهوت ورئيس تحرير مجلة “الشرق الأدنى المسيحي”، بمداخلة ركزت على ضرورة إعادة التفكير في الأطر التقليدية التي تحكم العلاقة بين الدين والسياسة.

وأشار هاشم إلى أن تجاوز النماذج السائدة بات ضرورة ملحّة لفتح المجال أمام فكر ديني قادر على التفاعل مع تحديات الحداثة والتنوع الثقافي، والمساهمة الإيجابية في بناء مجتمعات أكثر عدالة وانفتاحًا.

ويأتي هذا المؤتمر في سياق أكاديمي وفكري يسعى إلى إعادة طرح الأسئلة الكبرى المتعلقة بالدين والسياسة في الشرق الأوسط، وفتح آفاق جديدة للحوار حول مستقبل المنطقة في ظل التحولات المتسارعة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق