قامت الولايات المتحدة، للمرة الثانية، بترحيل مجموعة من المواطنين الإيرانيين على متن طائرة مستأجرة أقلعت الأحد من ولاية أريزونا باتجاه إيران، بحسب ما أكده مسؤولون إيرانيون على اطلاع بتفاصيل العملية. ويأتي هذا التطور بعد أشهر من التفاوض بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وطهران، انتهت قبل شهرين إلى اتفاق يسمح بتنسيق عمليات الترحيل بشكل مباشر.
ووفق صحيفة نيويورك تايمز قال المسؤولين الإيرانيين — اللذين طلبا عدم الكشف عن هويتهما — فقد حملت الطائرة نحو 50 إيرانيًا إضافة إلى مُرحّلين من دول عربية وروسيا. ومن المقرر أن تتوقف الرحلة في القاهرة ثم الكويت، حيث سينتقل الإيرانيون بعدها إلى طائرة تابعة للخطوط الجوية الكويتية لاستكمال المرحلة الأخيرة إلى طهران.
ثاني رحلة من نوعها بعد انقطاع دبلوماسي طويل
وكانت الرحلة الأولى من هذا النوع قد نُفذت في سبتمبر الماضي في سابقة تُعد الأولى منذ عقود، إذ لم تجمع إيران والولايات المتحدة علاقات دبلوماسية منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وخلال كل تلك السنوات، شكّلت الولايات المتحدة ملاذًا للمعارضين والأقليات الدينية والعرقية، وأفراد مجتمع الميم، وغيرهم من الإيرانيين الهاربين من الاضطهاد.
لكن إدارة ترامب، التي أعلنت خطة واسعة للترحيل الجماعي، توصلت إلى تفاهم مع طهران لإعادة آلاف الإيرانيين المعرضين للترحيل — والمقدّر عددهم بنحو 2000 شخص — عبر رحلات مستأجرة بدلًا من الرحلات التجارية الفردية التي كانت تُستخدم سابقًا.
أسئلة معلّقة حول هوية المُرحّلين ومصيرهم
لم تتضح فورًا هوية الإيرانيين الذين تم ترحيلهم هذا الأسبوع، ولا ظروفهم الشخصية أو ما إذا كانوا قد وافقوا على العودة طواعية. وذكر أحد المسؤولين الإيرانيين أن معظمهم عبروا الحدود الجنوبية للولايات المتحدة واحتُجزوا لأشهر، قبل أن تُرفض طلبات لجوئهم.
وزارة الأمن الداخلي الأميركية لم تُدلِ بتعليق، فيما أكد مسؤول أميركي — طلب عدم الكشف عن اسمه — إقلاع الرحلة، واصفًا إياها بأنها “عملية ترحيل روتينية” شملت جنسيات متعددة.
تحذيرات من مخاطر إعادة أشخاص مهددين
ومع انتشار الأنباء عن الرحلة، حذّرت النائبة الأميركية من أصل إيراني، ياسمين أنصاري، من أن على متن الطائرة “أفرادًا قد يواجهون اضطهادًا خطيرًا” عند عودتهم إلى إيران، مشددة على ضرورة مراجعة الحالات الإنسانية.
وفي طهران، قال مجتبى شاستي كريمي، مدير الخدمات القنصلية بوزارة الخارجية، إن السلطات تتوقع استقبال نحو 55 مرحّلًا خلال الأيام المقبلة، مؤكدًا أن العديد منهم اختار العودة بسبب ما وصفه بـ“السياسات العنصرية والمعادية للهجرة” التي تتبعها واشنطن. وأضاف أن إيران تلقت تقارير تشير إلى “معاملة غير إنسانية” للإيرانيين المحتجزين لدى سلطات الهجرة الأميركية.
سياق سياسي مشحون… وحملة ترحيل هي الأوسع في تاريخ الولايات المتحدة
تأتي هذه التطورات بالتزامن مع إعلان إدارة ترامب عن خطة لتنفيذ أكبر عملية ترحيل في تاريخ البلاد، تستهدف المهاجرين الذين دخلوا الأراضي الأميركية بطرق غير نظامية. كما تسعى الإدارة إلى تقليص طلبات اللجوء المقبولة بشكل جذري، وحصرها في فئات محدودة أبرزها المهاجرون البيض الناطقون بالإنجليزية من جنوب أفريقيا وبعض الدول الأوروبية.
ويأتي الإيرانيون ضمن قائمة تشمل مواطني 19 دولة يشملها حظر السفر الذي فرضه ترامب، إضافة إلى قيود جديدة على الهجرة صدرت بعد حادث إطلاق نار الشهر الماضي نفذه مهاجر أفغاني في العاصمة واشنطن، وأسفر عن مقتل أحد أفراد الحرس الوطني.







0 تعليق