بمناسبة مرور 60 عامًا على وثيقة “نوسترا إيتاتي”.. ندوة حول علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهدت القاهرة انعقاد ندوة خاصة نظمتها اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام التابعة لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في مصر، بمناسبة مرور ستين عامًا على صدور وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني “Nostra Aetate”، التي تُعدّ المرجع الأبرز في صياغة نظرة الكنيسة للعلاقة مع الديانات غير المسيحية، وتعزيز الحوار بين الشعوب. 

جاءت الندوة في ظل عالم يزداد ترابطًا وتداخلًا، ما يجعل من الحوار والتفاهم بين الأديان ضرورة إنسانية وروحية.

 

أولاً: رؤية الوثيقة.. عالم يتوحّد وأسئلة تبحث عن معنى

استعرضت الندوة ما جاءت به الوثيقة في فقرتها الأولى، والتي تؤكّد أنّ الجنس البشري يتّحد يومًا بعد يوم، وأن العلاقات بين الشعوب تنمو وتتعمّق، الأمر الذي يدفع الكنيسة إلى أن تتأمل بعمق علاقتها بالديانات غير المسيحية في إطار رسالتها الداعية للوحدة والمحبة بين الأمم.

وتطرح الوثيقة الأسئلة الوجودية الكبرى التي يشترك فيها البشر جميعًا، والتي لطالما شغلت قلب الإنسان منذ القدم:

من هو الإنسان؟ ما معنى الحياة؟ ما الخير والشر؟ ما غاية الألم؟ ما الموت وما بعده؟ وما هو السرّ النهائي لوجودنا؟

هذه الأسئلة، كما تؤكد الوثيقة، هي ما يدفع البشر — عبر مختلف الديانات — للبحث عن الحقيقة ومكانهم في هذا الوجود.

 

ثانيًا: نظرة شاملة إلى الديانات غير المسيحية

تناولت الندوة الفقرة الثانية من الوثيقة، والتي تشير إلى أنّ الشعوب، منذ أقدم الأزمنة، أدركت وجود قوة عليا تتجاوز العالم المنظور، ما ولّد في نفوسهم شعورًا دينيًا عميقًا.

وعرض المتحدثون أمثلة من الديانات العالمية: الهندوسية  التي تبحث عن السر الإلهي عبر الأساطير والتأمل والزهد والبوذية التي تعترف بتقلّب العالم وتعلّم طرق التحرّر من الألم عبر جهد الإنسان الروحي وديانات مختلفة تقدّم تعاليم وطقوسًا تهدف إلى مرافقة الإنسان في بحثه عن السلام الداخلي والسمو. 

وتؤكد الوثيقة أنّ الكنيسة لا ترفض ما هو حق ومقدّس في هذه الديانات، بل تنظر إليها باحترام، لما تحمله من قيم روحية وأخلاقية وثقافية.

 

ثالثًا: الكنيسة والحوار.. المسيح مركز الحقيقة

وأبرزت الندوة موقف الكنيسة الكاثوليكية التي تؤمن بأن المسيح هو “الطريق والحقّ والحياة”، لكنها في الوقت نفسه تُشجّع أبناءها على التعرف إلى القيم الروحية الموجودة في الديانات الأخرى، وتعزيزها من خلال الحوار والتعاون والمحبة.

وذكرت أنّ الوثيقة تشدّد على واجب الكنيسة في تقديم شهادة إيمان حيّة، وفي الوقت نفسه احترام طرق العبادة والممارسات الروحية لدى الآخرين، والعمل المشترك من أجل خير الإنسان والمجتمع.


رابعًا: أهمية الندوة اليوم

أكّد المتحدثون أنّ العالم الحالي، بما يواجهه من نزاعات وهويات متصادمة، يحتاج بشدة إلى روح “نوسترا إيتاتي”، التي خلّدت رؤية إنسانية واسعة تدعو إلى: الانفتاح واحترام الاختلاف والإيمان بقيمة الإنسان أيًّا كان والحوار المتبادل وبناء جسور تعبر بها الشعوب نحو السلام. 

جاءت الندوة لتعيد إحياء وثيقة شكّلت منعطفًا في تاريخ الكنيسة والعلاقات الإنسانية، مؤكدة أن الحوار بين الأديان ليس خيارًا نظريًا، بل ضرورة حقيقية لصنع عالم آمن ومتفاهم.

وتستمر هذه الوثيقة، بعد ستين عامًا، في إلهام الكنيسة والعالم للسير نحو مستقبلٍ يقوم على الكرامة الإنسانية، والاحترام المتبادل، والسلام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق