كارثة تلو الأخرى تعيشها عروس المتوسط بين حين وآخر، والسبب واحد ألا وهو انهيار عقار هنا أو هناك، حيث بات مسلسل انهيار العقارات في الإسكندرية أشبه بتقليد يومي في إحدى مناطق المحافظة، حيث تحولت إلى مأساة متكررة ومسلسلًا لا يتوقف، وشهد العقد الأخير ارتفاعًا مقلقًا في وتيرة هذه الحوادث.
وصباح اليوم وقعت حادثة جديدة حيث انهار عقار قديم مكون من 4 طوابق، صادر له قرار هدم كلي لم يُنفذ، صباح اليوم الجمعة ، في منطقة اللبان بحي الجمرك بالإسكندرية، دون وقوع إصابات بين السكان، وكشف الفحص أن العقار، المأهول بالسكان، انهار بعد تصدعات ظهرت فجأة، لكن السكان نجوا بأعجوبة بعد إخلائه مباشرة قبل دقائق من الانهيار الكامل للعقار حتى سطح الأرض.
وبحسب البيانات الرسمية فهناك أكثر من 6 آلاف عقار خطر وآيل للسقوط و160 عقارًا مائلًا، فضلًا عن 133 ألف قرار إزالة صادر ضد مبانٍ مخالفة، لم يتم تنفيذ الكثير منها لسنوات طويلة. ورغم أن الأحياء تنفذ مئات القرارات سنويًا، إلا أن وتيرة المخالفات والتقاعس عن تنفيذ أوامر الترميم والهدم تظل أسرع؛ وإلى جانب ذلك، تلعب عوامل المناخ دورًا متزايد الخطورة، حيث يهدد تآكل الشواطئ وارتفاع منسوب المياه الجوفية نتيجة التغيرات البيئية وذوبان الجليد، أساسات العديد من المباني القريبة من البحر، مما يضيف بعدًا بيئيًا مُعقدًا للأزمة.
أزمة انهيار العقارات.. بالأرقام
تُظهر الإحصائيات والأرقام المتعلقة بحوادث انهيار العقارات والمباني الخطرة في الإسكندرية حجم الأزمة، حيث تُشير إلى وجود تحدٍ كبير لا يقتصر على الانهيارات الفعلية فحسب، بل يمتد ليشمل عددًا هائلًا من العقارات المهددة بالسقوط والمخالفات الإنشائية.
تتفاوت التقديرات الرسمية والبرلمانية لأعداد العقارات التي تُصنف على أنها خطرة أو آيلة للسقوط، لكن جميعها يشير إلى وجود أعداد ضخمة تُشكل خطرًا داهماً على حياة السكان، حيث تشير بيانات مجلس الوزراء إلى أن هناك 7,500 عقار تم حصرها كـ "آيلة للسقوط" وصدرت لها قرارات إزالة، حتى يوليو 2025.
كما أن هناك 60,000 وحدة سكنية تحتاج إلى "تنكيس" (إصلاحات أو تدعيم جزئي) أو إصلاحات جزئية، مما يرفع إجمالي الوحدات المستهدفة بالتدخل إلى هذا العدد، وهناك 7,000 عقار من المباني مهدد بالانهيار نتيجة الإهمال والعوامل البيئية، وهناك 26,000 عقار بحسب تقديرات برلمانية سابقة أشارت إلى وجود قرابة هذا العدد من العقارات القديمة والآيلة للسقوط في الأحياء العتيقة مثل اللبان وكرموز وغيط العنب.
وبتتبع حوادث انهيار العقارات، فإنه وقع 231 حادثة من حوادث الانهيار الكلي أو الجزئي (شاملًا سقوط شرفة/سقف/جدران) في 7 أحياء بالإسكندرية، وذلك خلال الفترة من 1 يناير 2021 وحتى منتصف يوليو 2023 (عامان ونصف)، نتج عن هذه الانهيارات: 62 ضحية و 88 مصابًا خلال نفس الفترة، كما سقط 43 عقارًا من العقارات في فترة 16 شهرًا (حتى أبريل 2025) ، مما يدل على وتيرة متسارعة لحوادث الانهيار، كما وقعت 22 حادثة انهيار خلال النصف الأول من عام 2023 فقط، أسفرت عن مقتل 12 شخصًا وإصابة 14 آخرين.
وعن حوادث انهيار العقارات يقول الدكتور حمدي عرفة، استاذ الادارة المحلية، إن أزمة انهيار العقارات ن تتوقف حتى يتم فتح ملفات فساد الإدارات الهندسية التابعة للإدارات المحلية على مستوى الجمهورية، مشيرا إلى أنه تم رصد ٣ ملايين و٢٤٠ ألف عقار مخالف خلال ٩ سنوات.
وأضاف "عرفة" في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" إلى ضرورة العمل على إعادة هيكلة الإدارات الهندسية، بداية من إيقاف نقل وإلغاء ندب حملة الدبلومات الفنية للإدارات الهندسية، مشددا على ان الإدارات المحلية تتحمل المسؤولية كاملة عن زيالدة البناء العشوائي والمخالف في ظل غياب الرقابة والمتابعة اللازمة للعقارات المخالفة وضرورة تطبيق القرارات الصادرة سواء بالإزالة أو بالترميم، وكذلك زيادة الأدوار المخالفة.
ودعا خبير الإدارة المحلية بضرورة إعداد استراتيجات تنفيذية لتطوير عمل الإدارات المحلية منعا لانهيار عقارات جديدة، وكذلك لوقف زيادة العقارات المخالفة فضلا علي القضاء علي العشوائيات، داعيا إلى ضرورة الإسراع في إقرار تعديلات لقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، ولت إلى أن تأخر تعديل القانون يؤدي إلى زيادة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة.
وفي السياق ذاته، قالت الدكتورة سهير حواس، أستاذ التصميم العمراني بكلية الهندسة جامعة القاهرة، إنه من المؤكد ان هناك أسباب أدت إلى انهيار العقار، وهذه الأسباب قد تكون بسبب التلاعب في العقار أو بسبب إنهيار أحد الحوائد أو الأساسات التي يرتكز عليها العقار.
وأوضحت "حواس" في تصريحاتها لـ"البوابة نيوز" أنه لكي ينهار مبنى يجب أن تنهار الحوائط الإنشائية أو الأساسات التي تحمل المبنى، ومن هنا يجب أن يكون هناك شرخ أو انهيار جدار معين من الجدارات التي تحمل المبنى مما يدفعه للانهيار، مؤكدة أن المباني القديمة لا تنهار إلا بأسباب واضحة نظرا لان معظم العقارات القديمة تمتلك حوائط سميكة جدا وهي التي تحمل المبنى فالانهيار يحدث اما نتيجة انهيار في التربة أو انهيار في أحد الجدارات الأساسية، وهو ما ستثبته التحقيقات في حادث الانهيار.
كما طالبت خبيرة التخطيط العمراني بضرورة المحافظة على صيانة العقارات بشكل دوري، لأن الصيانة هي التي تضمن الحفاظ على سلامة المباني القديمة وحمايتها من الانهيار.










0 تعليق