أعلنت حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا في ألمانيا إلغاء مزاد ضحايا الهولوكوست الذي كان مقررا عقده يوم الاثنين، وذلك بعد موجة انتقادات واسعة من جهات دولية ومحلية اعتبرت أن بيع مقتنيات مرتبطة بضحايا المحرقة النازية يمثل إهانة بالغة لذكراهم. وجاء قرار الإلغاء بعد أن أبلغ مدير "دار مزادات فلتسمان" رئيس ديوان حكومة الولاية ناتانائيل ليمينسكي هاتفيا بعدم المضي في المزاد، لتختفي المعروضات المتعلقة بـ مزاد ضحايا الهولوكوست من العرض التمهيدي على الموقع الإلكتروني للدار في مدينة نويس. وقد أثار المزاد منذ الإعلان عنه حالة غضب كبيرة، خاصة بين المنظمات المعنية بإحياء ذكرى الهولوكوست، التي وصفت الخطوة بأنها محاولة تجارية تستغل معاناة الضحايا.

وكانت لجنة أوشفيتس الدولية قد وجهت انتقادات شديدة للخطوة، وساندها وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، الذي أكد خلال جولة في دول غرب البلقان أن إقامة مزاد ضحايا الهولوكوست أمر "غير لائق تماما"، مشددا على أن ألمانيا تتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه الضحايا تمنعها من السماح بتحويل مقتنياتهم إلى أدوات ربح. وأوضح فاديفول أنه ناقش القضية مع نظيره البولندي رادوسواف سيكورسكي، وأنهما اتفقا على أن تحقيق مكاسب مادية من جريمة كبرى مثل المحرقة أمر "مشين". وأضاف الوزير أن الحكومة علمت بإلغاء المزاد وسحب بعض المعروضات من الإنترنت، لكنه طالب بتوضيحات رسمية وضمانات تمنع تكرار مثل هذه الأحداث مستقبلا، مؤكدا أن التعامل مع مقتنيات تتعلق بالاضطهاد النازي يتطلب حساسية ومسؤولية كبيرة.
كما رحب وزير الدولة للثقافة في ألمانيا فولفرام فايمر بإلغاء مزاد ضحايا الهولوكوست، مبينا أن الوثائق الطبية والمستندات التي تخص مجرمي النازية أو ضحاياهم لا ينبغي أن تكون في حوزة مجموعات خاصة، وأن مكانها الطبيعي هو المتاحف ومؤسسات الأبحاث التاريخية. واعتبر فايمر أن عرض مثل هذه الوثائق للبيع التجاري يشكل تقليلا من أهميتها الإنسانية والتاريخية، ويجب استبعاده تمامًا.
وكان كريستوف هويبنر، نائب رئيس لجنة أوشفيتس، قد وصف المزاد بأنه مسعى "فاقد للحياء"، مؤكدا أن بيع وثائق ضحايا النازية يحمل إهانة عميقة للناجين وأقاربهم، ويحوّل الألم الإنساني إلى سلعة. وأضاف أن ملكية هذه الوثائق تعود إلى عائلات الضحايا، وأن مكانها المناسب هو النُصب التذكارية والمتاحف التي تحافظ على الذاكرة التاريخية.
وكان المزاد المثير للجدل سيقام تحت عنوان "منظومة الإرهاب – الجزء الثاني 1933–1945"، متضمنا رسائل من معسكرات الاعتقال، وبطاقات فهرسة تابعة للغستابو، ووثائق لمجرمين نازيين، إضافة إلى ملصق دعائي معاد لليهود ونجمة يهودية من معسكر بوخنفالد عليها آثار استخدام. ووفق لجنة أوشفيتس، فإن العديد من تلك القطع تتضمن معلومات شخصية حساسة لضحايا الهولوكوست، مما يزيد من عدم ملاءمة عرضها ضمن مزاد ضحايا الهولوكوست. وتؤكد هذه الانتقادات أن المجتمع الألماني لا يزال يولي أهمية كبرى للحفاظ على الذاكرة التاريخية واحترام ضحايا الحقبة النازية وعدم تحويل معاناتهم إلى تجارة.












0 تعليق