في ضربة قوية جديدة لتنظيم "حركة الشباب" المتشددة، أعلنت الحكومة الصومالية أن قواتها تمكنت من القضاء على عدد من القادة البارزين في عمليتين عسكريتين دقيقتين في إقليمي بكول وباي جنوب غربي البلاد، في إطار حملة عسكرية متواصلة تهدف إلى إنهاء سيطرة الحركة على المناطق الريفية وبسط نفوذ الدولة في كامل الأراضي الصومالية.
وقالت وزارة الإعلام الصومالية في بيان رسمي إن قوات من الفرقة 60 التابعة للجيش، بدعم من وحدات خاصة من الاستخبارات والقوات الجوية، نفذت عمليتين متزامنتين استهدفتا مواقع استراتيجية لحركة الشباب في المناطق الحدودية بين هودور وبردالي.
وأسفرت العمليتان عن مقتل قياديين بارزين وعدد من عناصر الحركة، إضافة إلى تدمير مستودعات أسلحة ومركبات قتالية كانت تُستخدم في الهجمات الإرهابية ضد القرى القريبة من الإقليمين.
مصادر أمنية في "بكول" أكدت لصحف محلية، أن من بين القتلى القائد الميداني محمد عبدي طاهر المعروف باسم أبو أنس، الذي كان يتولى تنسيق الإمدادات العسكرية لعناصر الحركة في جنوب غرب البلاد، إلى جانب مساعده عبد الله حسن، المسؤول عن التجنيد في صفوف الشباب.
وتعد هذه الضربة من أكثر العمليات دقة في الأشهر الأخيرة، إذ جاءت بعد أسابيع من مراقبة تحركات القادة في تلك المناطق الوعرة.
عمليات ضد الإرهاب
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع إن العمليات لن تتوقف حتى يتم القضاء الكامل على جميع خلايا الإرهاب، مشيرًا إلى أن القوات الحكومية استعادت خلال الأسابيع الماضية أكثر من 20 قرية كانت خاضعة لسيطرة الحركة في ولايتي بكول وباي، وأن معنويات الجيش مرتفعة بفضل النجاحات الأخيرة والدعم الشعبي المتزايد.
وتأتي هذه العمليات في وقت تحاول فيه الحكومة الصومالية تنفيذ المرحلة الثانية من الحملة الوطنية ضد الإرهاب.
ويؤكد مراقبون أن المرحلة الثانية أكثر تعقيدًا، إذ تواجه القوات الصومالية تضاريس جبلية صعبة وضعف البنية التحتية في مناطق الجنوب الغربي، إلى جانب محدودية الدعم اللوجستي من بعثة الاتحاد الإفريقي (ATMIS) التي بدأت خفض قواتها تدريجيًا تمهيدًا للانسحاب الكامل.
من جهة أخرى، يرى محللون أن مقتل هؤلاء القادة يمثل ضربة معنوية كبيرة لحركة الشباب، التي فقدت في الأشهر الأخيرة العديد من مواقعها الحيوية وخطوط إمدادها بين ولايات شبيلي السفلى وجوبا.
ومع ذلك، ما زال التنظيم يمتلك القدرة على شن هجمات انتقامية مفاجئة، وهو ما ظهر مؤخرًا في تفجيرين انتحاريين بالعاصمة مقديشو أسفرا عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين.
التنمية والإعمار
ويقول الخبير الأمني الصومالي عبد الله محمد، إن المعركة ضد حركة الشباب لن تُحسم بالعمليات العسكرية فقط، بل تحتاج إلى استراتيجية متكاملة تشمل التنمية وإعادة إعمار القرى المحررة، وإدماج العناصر السابقين في المجتمع. وأضاف أن استمرار الفقر والبطالة يسهم في عودة بعض الشباب إلى صفوف الحركة بعد كل حملة تطهير، ما يجعل الحل الأمني وحده غير كافٍ.
ومع تصاعد هذه العمليات، يؤكد مسؤولون في الحكومة أن الأيام القادمة ستشهد تصعيدًا محسوبًا ضد معاقل الحركة في إقليمي جوبا وشبيلي، ضمن خطة تهدف إلى تجفيف منابع الإرهاب قبل حلول عام 2026، وهو الموعد الذي تطمح فيه الحكومة إلى إعلان الصومال خاليًا من سيطرة الجماعات المتشددة.
لكن رغم التفاؤل الرسمي، يرى مراقبون أن الطريق لا يزال طويلاً، فالحركة تمتلك جذورًا اجتماعية واقتصادية في بعض المناطق، وتستفيد من ضعف مؤسسات الدولة وغياب الخدمات الأساسية.
ومع ذلك، فإن نجاح الجيش في القضاء على قيادات ميدانية بارزة في بكول وباي يعكس تحولًا نوعيًا في تكتيكات القتال وقدرة الصومال على مواجهة الإرهاب بقدراته الذاتية، بعد سنوات طويلة من الاعتماد شبه الكامل على الدعم الخارجي.
وبينما تواصل القوات الصومالية تقدمها الحذر نحو معاقل جديدة لحركة الشباب، تبقى المعركة مفتوحة على كل الاحتمالات، لكنها تحمل مؤشرات قوية على أن التنظيم يعيش واحدة من أضعف مراحله منذ تأسيسه قبل نحو عقدين، وهو ما يمنح الأمل للصوماليين بأن نهاية هذا الكابوس ربما بات قريب.











0 تعليق