أكّد قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن الطفولة ليست مرحلة عابرة في حياة الإنسان، بل هي بذرة القداسة التي تنمو وتثمر بالإيمان والمحبة، مشيرًا إلى أن بساطة الأطفال ونقاوة قلوبهم قادرة على تغيير العالم وشهادة حقيقية لعمل الله.
جاء ذلك خلال العظة الأسبوعية لاجتماع الأربعاء التي ألقاها قداسته مساء اليوم من كنيسة السيدة العذراء والشهيد مار جرجس بمدينة الأمل بالقاهرة، التابعة لكنائس قطاع ألماظة ومدينة الأمل وشرق مدينة نصر. وبُث الاجتماع عبر القنوات المسيحية الفضائية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
قداس وصلوات ومشاعر محبة
شارك في صلاة العشية الأنبا أكليمندس، الأسقف العام لقطاع ألماظة ومدينة الأمل وشرق مدينة نصر، وعدد من الآباء الأساقفة والكهنة، ووكيل عام البطريركية.
وقدّم خورس الشمامسة وكورال الكنيسة مجموعة من الألحان الكنسية، نالت تشجيع قداسة البابا، قبل أن يلقي نيافة الأنبا أكليمندس كلمة ترحيب عبّر فيها عن محبة أبناء المنطقة لراعيهم، مقدمًا التهنئة لقداسته بمناسبة عيد ميلاده وتذكار ظهور القرعة الهيكلية.
كما عُرض فيلم تضمن رسائل محبة وتقدير من كهنة وشعب مدينة الأمل، عبّروا خلالها عن مشاعرهم تجاه الأب البطريرك، قبل أن يكرّم قداسته القمص أنطونيوس عبد المسيح بمناسبة اليوبيل الذهبي لسيامته كاهنًا، إلى جانب تكريم المتفوقين والمتميزين من أبناء القطاع.
البابا تواضروس الثاني : الكنيسة بيت الفرح والمحبة
وفي بداية كلمته قال البابا تواضروس: "سعيد أن أزوركم في هذه المنطقة التي سمعت عنها كثيرًا، وسعيد بما رأيته في هذا المكان الجميل."
وأضاف:"أشكر كلمات المحبة من نيافة الأنبا كليمندس، والكورال الجميل والشمامسة، كما أشكر إخوتنا السودانيين والآباء الذين يخدمون معهم. لقد رأيت عمل الله الواضح في الكنيسة، فالكل يعمل لأجل مجد المسيح."
وأشار قداسته إلى أن نمو الأبناء ونجاحهم هو ثمر يفرح قلب الله، مقدمًا الشكر لكل من يخدم من أجل بناء الإنسان والمجتمع.
وقال:"من أجمل ما رأيت هنا أن الكل سعيد ومبتسم، وأتمنى أن يديم الله محبتكم وتعبكم وارتباطكم بالكنيسة."
“الطفولة الشاهدة لله”.. رسالة من الكتاب المقدس
خصص البابا عظته للحديث عن “الطفولة الشاهدة لله” بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للطفولة خلال الشهر الجاري، متأملًا في قصة الفتاة الصغيرة الأسيرة التي أرشدت نعمان رئيس جيش أرام إلى طريق الشفاء من البَرص (سفر الملوك الثاني – الأصحاح الخامس).
وأوضح قداسته أن الله استخدم براءة الطفلة وبساطتها لتكون أداة للشفاء والإيمان، مؤكدًا أن "الطفولة ليست مجرد مرحلة زمنية، بل مدرسة للحياة والقداسة".
ثلاثة أبعاد من “الطفولة الشاهدة”
أشار البابا تواضروس إلى ثلاث نقاط رئيسية من القصة الكتابية:
الطفولة الشاهدة لله: رغم أسرها وبعدها عن وطنها، نطقت الفتاة الصغيرة بإيمان قوي جعل شهادتها سبب خلاص وشفاء.
الطفولة تغيّر العالم: ببساطة قلبها غيّرت حياة رجل عظيم، لتؤكد أن الله يعمل من خلال الطفولة النقية.
الطفولة مدرسة الخدمة والشهادة: أرادت أن تخدم سيدها بكلمة محبة صادقة، فكانت خدمتها شهادة حيّة لعمل الله.
دروس من قصة الإيمان والشفاء
واستخلص البابا دروسًا روحية من القصة، أبرزها: الإيمان رغم الألم، والصلاة من أجل المتألمين، المحبة رغم الظلم، فالقلب المملوء محبة يشهد لله أينما كان، الشهادة بلا خوف، مثل شهادة القديس أبانوب النهيسي، الطفل المؤمن قدوة للكبار، إذ يحمل إيمانًا بسيطًا لكنه عميق.
واختتم قداسته بدعوة الآباء والأمهات إلى الاهتمام بتربية أبنائهم وتنمية إيمانهم منذ الصغر، مؤكدًا أن ما يزرعونه في الطفولة سيحصدونه في المستقبل ثمرًا مفرحًا ومقدسًا.









0 تعليق