يأتي افتتاح المتحف المصرى الكبير اليوم الموافق الأول من نوفمبر ٢٠٢٥، بجوار أهرامات الجيزة، أحد معجزات الدنيا، كحدث ثقافى عالمي، وليعيد الكبرياء الوطنى والعزة لكل المصريين.
وما نراه من بهجة وسرور تَمثّل فى ارتداء ملابس ونياشين ملوك وملكات مصر الفرعونية على وسائل التواصل الاجتماعي، يُثبت ان المصريين كانوا وما زالوا وحدة واحدة متماسكة ومترابطة وعصية على التفتيت أو التقسيم.
لا شك أن تاريخ مصر الطويل والممتد لأكثر من ٧ آلاف سنة (وربما أكثر) هو أحد أهم أسباب وحدة المصريين على مر التاريخ، فمنذ فجر التاريخ الإنسانى وجد المصريون فى حضارة أجدادهم رمزا للوحدة الوطنية فتوحدوا ضد أى معتد ودحروا أعداءهم وحافظوا على رموز حضارتهم.
مرت على مصر حقب تاريخية متعاقبة، بدأت بالحضارة الفرعونية وتمتد من حوالى عام ٣٢٠٠ قبل الميلاد مع توحيد الملك (مينا) لمصر العليا والسفلى، حتى عام ٣٢٣ قبل الميلاد وبداية الحقبة اليونانية الرومانية.
ثم حقبة مصر القبطية، من القرن الأول الميلادى وعصر الشهداء، حتى دخول الإسلام الى مصر على يد عمرو بن العاص سنة ٦٤١ ميلادية. خلال هذا التاريخ الطويل كانت كنوز مصر وآثارها هى الرابط الذى يجمع المصريين ويوحد كلمتهم حتى فى أصعب الظروف والأزمات.
وبالنسبة لي، فقد كانت زيارتى للمناطق الأثرية بدءا من أهرامات الجيزة والمتحف المصرى فى ميدان التحرير، إلى زيارة كنوز وآثار مصر الخالدة فى الأقصر وأسوان، والتى كانت تنظمها وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالى لطلاب المدارس والجامعات، أحد أهم روافد المعرفة التى ساعدتنى على الاهتمام بتاريخ مصر، وفهم شخصية المصري، العاشق لبلده والفخور بتراثه. فمعبد الكرنك فى الأقصر يحكى تاريخ الحضارة العظيمة على ضفاف النيل، وهذه الحضارة المستمرة قد جعلت المصرى فخورا بمصريته مهما اختلفت ثقافته وديانته ومستواه الاجتماعي، وقد لاحظت ذلك بنفسى عندما قابلت بعض المصريين فى الخارج، فقد اختلف المصريون على أشياء كثيرة واتفقوا على شيء واحد وهو حب واحترام مصر والفخر والاعتزاز بمصريتهم.
افتتاح المتحف المصرى الكبير اليوم، بجوار أهرامات مصر الخالدة، وبهذا الحجم الضخم والإتقان المبهر والحضور الدولى الواسع، هو شهادة نجاح للمصريين.
لنا أن نفخر بالمتحف المصرى الكبير وأن نباهى به متاحف العالم التى تستخدم الآثار المصرية لجذب السياح إليها، سواء كان المتحف البريطانى فى لندن (الذى يحتوى على أكثر من ١٠٠ ألف قطعة أثرية مصرية من أهمها حجر رشيد)، أو متحف اللوفر فى باريس أو متحف المتروبوليتان فى نيويورك أو متحف برلين الذى يحتوى أكثر من ١٥٠٠ قطعة أثرية فرعونية، أهمها تمثال الملكة نفرتيتى النصفي، ومتحف الإرميتاج فى سان بطرسبرج وغيرها من متاحف العالم التى تعرض آثار مصر المنهوبة.
ألف مبروك لمصر وللمصريين ولكل محبى الثقافة والحضارة والفن الجميل فى كل بلدان العالم.










0 تعليق