في مشهد يعكس تنامي روح الابتكار لدى جيل جديد من الطلاب المصريين، يواصل المركز الاستكشافي للعلوم والتكنولوجيا بالمنصورة التابع لمديرية التربية والتعليم بالدقهلية، دعم الموهوبين والمبتكرين من النشء، الذين تمكنوا من تحقيق إنجازات علمية رفيعة المستوى على المستويين المحلي والدولي، في ظل رعاية ودعم كل من المهندس محمد فؤاد الرشيدي، وكيل أول وزارة التربية والتعليم بالدقهلية، وبسيوني محمد بسيوني، وكيل المديرية، وثريا منصور، مدير عام الإدارة العامة للمراكز الاستكشافية، وإشراف الدكتورة منى حسني عبد اللطيف، مدير المركز الاستكشافي بالمنصورة.
وفي إطار هذا التميز العلمي، التقت «البوابة نيوز» اثنين من أبرز المبدعين الصغار بالمركز، هما كريم السيد ووفاء عمرو محمد المغربي، اللذان قدما ابتكارات علمية متقدمة، تمثل نقلة نوعية في مجال البحث العلمي التطبيقي، حيث جمعا بين الحس الإبداعي والفكر العلمي، ليبرزا نموذجًا مشرفًا للطلاب المصريين القادرين على المنافسة عالميًا.
كريم السيد.. عقل شاب يوظف الذكاء الصناعي والروبوتات لحماية الأرواح
يعد كريم السيد عبد المنعم، الطالب بمدرسة طناح الثانوية الحديثة، واحدًا من أبرز الموهوبين في مجال الابتكار التكنولوجي، إذ تمكن من تصميم ثلاثة مشروعات علمية متقدمة، أبرزها مشروع نظام الإطفاء الذاتي للمركبات، الذي يعتمد على آلية ذكية لرصد الدخان ودرجات الحرارة داخل السيارة، لتفعيل نظام الإطفاء بشكل تلقائي عند اكتشاف خطر الحريق، بما يضمن السيطرة عليه في لحظاته الأولى.
ويقول كريم إن مشروعه يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات من خلال تطوير نظام ذكي مزدوج للحماية، يجمع بين الإطفاء الذاتي والوسادة الهوائية الخلفية المتزامنة مع الأمامية، بحيث تعمل الوسادتان معًا فور وقوع التصادم لتقليل احتمالية الارتداد أو الاصطدام المتتابع، ما يعزز من معدلات الأمان داخل المركبات. وأوضح أنه حصل بالفعل على براءة اختراع لهذا النظام الذي وصفه بـ«الخطوة الأولى نحو مركبات أكثر أمانًا".
ولم يتوقف كريم عند هذا الحد، بل واصل ابتكاراته بتصميم مشروع Bio Ai-Vest، وهو سترة ذكية تعمل على مراقبة المؤشرات الحيوية للجسم، مثل معدل نبض القلب، ومستوى الأكسجين، وضغط الدم، كما تقوم بعمل رسم قلب لحظي.
وتُرسل هذه البيانات إلى تطبيق مخصص على الهاتف المحمول، يقوم بتحليلها عبر الذكاء الاصطناعي، وإرسال تنبيهات فورية للمستخدم عند وجود أي خطر صحي.
ويتميز المشروع بكونه مهيأ لذوي الاحتياجات الخاصة، إذ يعتمد على نظام إنذارات اهتزازية بترددات محددة تناسب الصم والبكم، كما تم تكييفه لمرضى الزهايمر من خلال خاصية تحديد الموقع التلقائي عبر GPS وإرسال إشعارات لذويهم تتضمن الموقع وطبيعة الخطر وكيفية التعامل معه، ما يجعله مشروعًا ذا بعد إنساني وتقني متكامل.
وفي مجال السلامة العامة، صمم كريم أيضًا روبوتًا لأداء المهام الخطرة، مزودًا بأجهزة استشعار لاكتشاف الغازات السامة والحرائق، إذ يمكنه تفعيل أنظمة التهوية تلقائيًا أو إطفاء الحرائق في أماكن يصعب على الإنسان الوصول إليها.
ويتيح الروبوت أيضًا المراقبة والتحكم عن بُعد من خلال تطبيق على الهاتف المحمول، ما يجعله أداة مبتكرة لحماية العاملين في البيئات الخطرة.
تُوجت هذه الابتكارات بسلسلة من الإنجازات المشرفة، حيث حصد كريم المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة موهبتي 2025 التابعة لوزارة الشباب والرياضة، كما حصل على المركز الأول في المعرض العلمي الهندسي بجامعة المنصورة لعامين متتاليين (2022 و2023)، وتم تكريمه من نائب رئيس الجامعة. كما فاز بالمركز الثاني في ملتقى الرياضيات للفكر والإبداع، والمركز الأول في مسابقة MMIC 2025، وتأهل إلى التصفيات العالمية لمسابقة NASA Space Apps Global Challenge 2025.
شارك كريم في المؤتمر الدولي للإبداع والابتكار والذكاء الاصطناعي بمعهد بحوث الإلكترونيات كأصغر مشارك في المؤتمر، ونال جائزة التميز والإبداع في Hackathon 2023 GDG Delta DevFest Mansoura، وحقق مركزًا متقدمًا ضمن أفضل 10 فرق في Hackathon 2024 بمشاركة أكثر من 65 فريقًا جامعيًا. كذلك صعد لتمثيل الدقهلية في المعرض المحلي للعلوم والهندسة (إيسف) لعام 2025، وحصد لقب الطالب المثالي للمحافظة والمركز الخامس على مستوى الجمهورية، كما حصل على منحة تدريبية بكلية هندسة الميكاترونكس بجامعة المنصورة.


 
 
وفاء عمرو المغربي.. ابتكار بيئي يصنع الأمل من مخلفات الصناعة
أما وفاء عمرو محمد المغربي، الطالبة بمدرسة الشهيد المقدم أحمد حسن غنيم الثانوية بنات، فقد برزت كواحدة من المبتكرات المتميزات في مجال الهندسة البيئية، بفضل مشروعها الذي يهدف إلى إنتاج مواد بناء صديقة للبيئة من المخلفات الصناعية، والذي أهلها للفوز بالمركز الأول على مستوى مصر، والمركز الحادي عشر عالميًا في مسابقة VANDA Science Olympiad التي نظمتها جامعة سنغافورة الوطنية، لتصبح واحدة من أبرز النماذج المشرفة التي تمثل مصر في المسابقات الدولية المقبلة بالصين عام 2025.
وتوضح وفاء أن مشروعها يقوم على إعادة تدوير المخلفات الصناعية باستخدام تفاعلات كيميائية مبتكرة دون الاعتماد على الطاقة أو الوقود في عملية الإنتاج، وهو ما يسهم في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة ويحد من الاحتباس الحراري، فضلًا عن تقليل نسب التلوث وتعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري.
وأضافت أنها أجرت تعديلات دقيقة في النسب الكيميائية لتكوين مركبات جديدة تمتاز بمقاومة ميكانيكية عالية، وقابلية للتشكيل وسهولة الاستخدام في بيئات متعددة، مع إضافة جزيئات نانوية تمنحها مقاومة استثنائية للتآكل والعوامل الجوية، مما يجعلها مثالية للبناء في البيئات الساحلية والصحراوية، وكذلك في الطرق والجسور والمنشآت الحيوية.
ونجحت وفاء في تحقيق إنجازات علمية مبهرة، إذ حصلت على المركز الأول في معرض مصر الدولي للعلوم والتكنولوجيا (EISTF 2025)، ونُشر بحثها في المجلة المصرية للعلوم والهندسة، كما نالت المركز الأول في مسابقة The UGRF بجامعة النيل، وتم نشر بحثها في مجلة المسابقة وكذلك في Springer in Applied Science and Technology.
حصلت على المركز الأول في Industry Mining Track والمركز الرابع في مسابقة ITC 2025 بالأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية، إلى جانب مشاركتها المتميزة في المعرض الجمهوري لمسابقة ISEF بمكتبة الإسكندرية 2025، لتؤكد مكانتها كواحدة من النماذج العلمية اللامعة التي تمثل مستقبل البحث العلمي في مصر.
ويأتي نجاح هؤلاء الطلاب نتيجة لجهود المركز الاستكشافي للعلوم والتكنولوجيا بالمنصورة في احتضان المواهب العلمية الشابة، وتوفير بيئة بحثية متكاملة تساعدهم على تطوير مهاراتهم وتحويل أفكارهم إلى مشروعات واقعية قابلة للتطبيق.
وأكدت الدكتورة منى حسني عبد اللطيف، مدير المركز، أن هذه الإنجازات تمثل ترجمة حقيقية لرؤية الدولة في تمكين الشباب ودعم الابتكار العلمي، مشيرة إلى أن المركز يولي اهتمامًا كبيرًا بتأهيل الطلاب للمشاركة في المسابقات المحلية والدولية، وتعزيز ثقافة البحث العلمي لديهم منذ المراحل الدراسية المبكرة.
بهذه الإنجازات، يثبت المبتكرون الصغار في المنصورة أن العلم والخيال والإصرار يمكن أن يصنعوا مستقبلًا واعدًا لمصر، وأن الاستثمار في العقول الشابة هو الطريق الأمثل نحو الريادة العلمية والتكنولوجية.

 
 ا








 
            

 
                
            
0 تعليق