في السنوات الأخيرة، أصبح من الصعب تصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو المرور بجانب صيدلية دون أن تلاحقنا إعلانات تعد بجمال البشرة وصفاء الذهن وطاقة لا تنضب، وفي قلب هذه الموجة التسويقية، يبرز اسمان يتكرران كثيرًا: الكلوروفيل والكولاجين، ومشروبات خضراء، كبسولات فاخرة، ومساحيق تباع تحت شعار “الشباب الأبدي” أو “إزالة السموم”، لكن السؤال الجوهري يبقى: هل لهذه المكملات أساس علمي حقيقي؟
الكلوروفيل.. الصبغة التي تجاوزت النباتات
وفقا لـ healthline الكلوروفيل هو العنصر الذي يمنح النباتات لونها الأخضر، ويمكّنها من تحويل ضوء الشمس إلى طاقة من خلال عملية التمثيل الضوئي، هذا الدور الحيوي في الطبيعة دفع البعض لتصويره كمفتاح سحري لصحة الإنسان أيضًا. وقد ساهمت أسماء شهيرة مثل غوينيث بالترو وكورتني كارداشيان في انتشار موضة “مياه الكلوروفيل”، عبر الترويج لها كوسيلة لتحسين رائحة الجسم وتنقية الدم ورفع مستويات الأكسجين.
لكن الأطباء والعلماء لا يرون ذلك بنفس الحماس، فكما أوضح الباحث بن غولدآكر، أجسامنا ببساطة ليست نباتات ولا يمكنها القيام بالتمثيل الضوئي، وبالتالي لا يستطيع الكلوروفيل زيادة الأكسجين في الدم كما يُشاع، ورغم أن المكملات المصنوعة من الكلوروفيلين (وهو شكل قابل للذوبان من الكلوروفيل) تُسوَّق على أنها منظفة للجسم ومجدّدة للبشرة، إلا أن الأدلة العلمية حتى الآن محدودة جدًا.
بعض الدراسات القديمة تشير إلى أنه قد يقلل من رائحة البراز أو الغازات، وربما يغيّر لونهما إلى الأخضر، لكن تأثيره على رائحة الفم أو الجسم لم يُثبت، كما أن دوره كمضاد للأكسدة لا يزال غير مؤكد علميًا، أكثر التطبيقات الواعدة حاليًا هي في مجال التئام الجروح، حيث تُستخدم ضمادات تحتوي على الكلوروفيل للمساعدة في تسريع الشفاء وتقليل الرائحة، وهي نتائج أولية لكنها مشجعة.
الكولاجين.. بروتين الشباب الذي يبحث عنه الجميع
أما الكولاجين، فهو قصة أخرى تمامًا، هذا البروتين يشكل العمود الفقري للبشرة والعظام والمفاصل والأنسجة الضامة، ومع التقدم في العمر، يقل إنتاجه الطبيعي، فتظهر التجاعيد وتضعف مرونة الجلد، لذلك باتت مكملاته من أكثر المنتجات رواجًا في الأسواق.
تشير بعض الدراسات إلى أن تناول مكملات الكولاجين قد يساعد فعلًا في تحسين مظهر البشرة وزيادة مرونة المفاصل ودعم صحة العظام، ومع ذلك تبقى هذه النتائج محدودة، وغالبًا ما تعتمد على تجارب قصيرة المدى أو عينات صغيرة، أما الادعاءات حول قدرته على إنقاص الوزن أو علاج أمراض مزمنة فليست مدعومة بأي دليل علمي موثوق.
أما الكريمات والسيرومات التي تحتوي على الكولاجين، فمفعولها لا يتجاوز السطح، فالجزيئات الكبيرة لا يمكنها اختراق الجلد والوصول إلى طبقاته العميقة، لذا يقتصر تأثيرها غالبًا على الترطيب وإعطاء مظهر ممتلئ مؤقت لا أكثر.
ما هو الخيار الأذكى؟
بدل الإنفاق على مكملات باهظة، يمكن تحفيز الجسم على إنتاج الكولاجين طبيعيًا من خلال التغذية المتوازنة، الأطعمة الغنية بالبروتين مثل السمك والدجاج والبيض ومرق العظام، إلى جانب العناصر الدقيقة مثل فيتامين “سي” والنحاس والزنك، كلها تساعد على تعزيز إنتاج الكولاجين داخليًا بشكل طبيعي وفعّال.
خلاصة القول
الضجة حول الكلوروفيل والكولاجين أكبر بكثير من الأدلة العلمية المتاحة، فبينما تُظهر بعض الأبحاث استخدامات محدودة واعدة، مثل دور الكلوروفيل في العناية بالجروح، أو الكولاجين في دعم المفاصل والبشرة إلا أن معظم الادعاءات التسويقية تبقى مبالغًا فيها.
القاعدة البسيطة تبقى نفسها: احصل على غذائك من الطبيعة، لا من العبوات، فالجسم السليم لا يحتاج مشروبًا أخضر ليعمل بكفاءة، ولا مسحوقًا ليحافظ على شبابه، الحب الحقيقي لبشرتك يبدأ من الداخل، لا من الزجاجة.










 
                
            
0 تعليق