تمكين المرأة.. مسؤولية اجتماعية أم رهان اقتصادي؟

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في السنوات الأخيرة، أصبح تمكين المرأة في سوق العمل واحدًا من أهم مؤشرات التنمية الحقيقية لأي مجتمع. لم يعد الأمر مجرد قضية إنسانية أو شعار اجتماعي، بل أصبح عاملًا اقتصاديًا مؤثرًا يرتبط بالنمو والاستقرار. 

فبحسب تقرير حديث صادر عن البنك الدولي بعنوان «الوظائف والنساء: طاقات غير مستغلة ونمو غير محقق»، وضع البنك إصبعه على ما وصفه بـ «الفرصة الاقتصادية الضائعة» في منطقتنا، مشيرًا إلى أن رفع مشاركة النساء في سوق العمل يمكن أن يزيد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما يصل إلى 30%. 

ويشير التقرير إلى أن إزالة العقبات التي تواجه النساء في أسواق العمل قد يحقق مكاسب اقتصادية كبيرة، خصوصًا في دول مثل مصر، التي صنفها البنك ضمن الدول ذات أعلى المكاسب المحتملة عالميًا في حال تم تفعيل مشاركة المرأة اقتصاديًا.

القطاع الخاص شريك رئيسي في تمكين المرأة

تلك الأرقام لا تترك مجالًا للشك: تمكين المرأة لم يعد خيارًا اجتماعيًا بل ضرورة اقتصادية واستراتيجية. فالمؤسسات الحديثة التي تسعى للاستدامة باتت تدرك أن رأس المال البشري لا يكتمل دون إشراك النساء في مراكز صنع القرار، وفي كل مستويات العمل. والقطاع الخاص، بوصفه المحرك الأهم للنمو، يتحمل مسؤولية مضاعفة، فهو ليس فقط صاحب الفرصة، بل أيضًا صاحب التأثير المباشر في صياغة ثقافة العمل والعدالة داخل المجتمع.

ورغم التحديات التي ما زالت تواجه المرأة المصرية في قطاعات متعددة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تناميًا ملحوظًا في دور الشركات التي تتبنى تمكين المرأة كمبدأ مؤسسي حقيقي، لا كشعار دعائي.  وفي هذا الإطار، يبرز نموذج طلبات مصر كشركة استطاعت أن تترجم هذا المفهوم إلى ممارسة ملموسة على الأرض.

مبادرة إنسانية  لسائقات التوصيل

ففي خطوة تعكس التزامًا عميقًا تجاه المرأة العاملة، أطلقت طلبات مصر مبادرة غير مسبوقة بالشراكة مع "منصة كنز" الرائدة في التجارة الالكترونية، احتفاءً بأفضل سائقات التوصيل أداءً ممن يخططن للزواج قريبًا. جاءت الفكرة انطلاقًا من إيمان "طلبات" بأن الاعتراف بالجهد لا يكون فقط داخل بيئة العمل، بل أيضًا في اللحظات الإنسانية التي تشكل مفاصل الحياة. فبالشراكة مع منصة "كنز"، تم توصيل مستلزمات الزواج الأساسية إلى منازل سائقات التوصيل بطلبات، في لفتة تتجاوز حدود المكافأة المادية إلى دعم إنساني واجتماعي في مرحلة جديدة من حياتهن.

وفي حديث مع هدير شلبي، نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لطلبات مصر، أكدت أن المبادرة ليست مجرد خطوة رمزية، بل تعبير حقيقي عن رؤية الشركة تجاه تمكين المرأة على المستويين المهني والشخصي، قائلة:"في طلبات، نؤمن أن التمكين لا يتحقق فقط بتوفير فرص عمل، بل ببناء بيئة يشعر فيها كل فرد، وخاصة النساء، بالتقدير والإنصاف والقدرة على التطور. السائقات في طلبات يمثلن نموذجًا للإصرار والاجتهاد، ودعمنا لهن في هذه المرحلة من حياتهن هو امتداد طبيعي لإيماننا بأن النجاح المهني لا ينفصل عن الاستقرار الإنساني والاجتماعي."

نموذج جديد للمسؤولية المؤسسية

وأضافت شلبي أن هذا النوع من المبادرات يعكس فلسفة طلبات في دمج التمكين الاقتصادي مع الدعم الإنساني، مشيرة إلى أن “المرأة العاملة اليوم ليست فقط جزءًا من سوق العمل، بل هي عنصر أساسي في بناء مستقبل أكثر شمولًا واستدامة، والمجتمع الذي يمنحها الفرصة الحقيقية هو المجتمع الذي يختار النمو.”

هذه المبادرة لم تكتفِ بتقدير مجهود السائقات، بل سلطت الضوء على نموذج جديد من التمكين المؤسسي يقوم على الدعم المتكامل؛ المهني والإنساني معًا. فهي تعبّر عن فلسفة ترى في السائقات ليس فقط جزءًا من المنظومة الإنتاجية، بل شريكات في رحلة النجاح والاستدامة. كما أنها تبرز الجانب المتنامي من دور النساء في قطاع الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية، وهو مجال طالما كان محكومًا بحدود ذكورية تقليدية.

في النهاية، يمكن القول إن القطاع الخاص يمتلك مفتاحًا حقيقيًا لتسريع تحقيق المساواة الاقتصادية وتمكين المرأة. والمبادرات الذكية مثل تلك التي أطلقتها طلبات مصر مع كنز، لا تكتفي بتغيير واقع مجموعة من النساء، بل تزرع ثقافة جديدة قوامها التقدير، والإنصاف، والإيمان بأن التنمية لا تكتمل إلا حين يكون الجميع جزءًا منها.

فالتمكين ليس شعارًا، بل ممارسة مستمرة، تبدأ من القرار المؤسسي، وتمتد إلى تفاصيل الحياة اليومية. ومن هنا، تتجلى المسؤولية الكبرى على عاتق الشركات: أن تجعل من سياساتها انعكاسًا لقيمها، ومن نجاحها الفردي رافعةً لنجاح المجتمع بأسره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق