تبدأ كثير من النساء في سن الثلاثين مرحلة دقيقة من التغيرات الهرمونية التي تؤثر في المزاج والطاقة والبشرة وحتى الوزن، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي كثيرًا ما تقدم معلومات سطحية أو مضللة حول هذه المرحلة، مركزة على الحلول السريعة بدل الفهم العلمي المتكامل.
وتكشف الدراسات الحديثة أن التوازن الهرموني في هذا العمر لا يرتبط فقط بالعوامل البيولوجية، بل يتأثر أيضًا بنمط الحياة، ومستوى التوتر، والنوم، والنظام الغذائي، وتؤكد منظمة الصحة العالمية (WHO) في تقريرها الأخير أن تجاهل هذه التغيرات أو التعامل معها بطريقة غير علمية قد يؤدي إلى اضطرابات مزمنة في الخصوبة والمزاج وصحة القلب.
كيف تتغير الهرمونات بعد الثلاثين؟
تبدأ الهرمونات الأنثوية، وعلى رأسها الإستروجين والبروجستيرون، في التذبذب الطبيعي مع التقدم في العمر، وتنخفض مستويات الإستروجين تدريجيًا، مما ينعكس على نضارة البشرة وكثافة الشعر وصحة العظام، وفي الوقت ذاته، يقلّ إفراز هرمون النمو، فتتراجع سرعة حرق الدهون ويزداد احتمال زيادة الوزن.
وتشير الأبحاث إلى أن هذا التغير ليس مرضيًا بحد ذاته، بل يمثل انتقالًا طبيعيًا في دورة حياة المرأة، غير أن تجاهله أو مقاومته بطرق غير صحية – مثل الإفراط في المكملات أو الأنظمة القاسية – يؤدي إلى اضطراب في التوازن الداخلي قد تظهر آثاره على المدى الطويل.
الوجه الآخر للنصائح المنتشرة على الإنترنت
تغزو وسائل التواصل الاجتماعي نصائح ومقاطع فيديو تدّعي “إعادة ضبط الهرمونات” خلال أيام معدودة، أو “تنظيف الجسم من السموم” بمشروبات معينة، لكن الأطباء يحذرون من هذه التوجهات.
فتبدأ بعض النساء بملاحظة أعراض خفيفة تدل على اضطراب الهرمونات، مثل تقلب المزاج، أو زيادة تساقط الشعر، أو اضطراب الدورة الشهرية، وينصح الأطباء بعدم تجاهل هذه الإشارات، بل استشارة طبيب متخصص لإجراء الفحوص اللازمة، كما تُظهر التحاليل البسيطة – مثل قياس هرمون الغدة الدرقية، والإستروجين، والتستوستيرون – صورة دقيقة عن حالة الجسم، وتساعد على تحديد نوع الخلل إن وُجد، ويؤكد الخبراء أن الاكتشاف المبكر لأي اختلال هرموني يضمن علاجه بسهولة، بينما يؤدي التأخر إلى أعراض مزمنة يصعب السيطرة عليها لاحقًا.
نصائح للحفاظ على توازن الهرمونات
يُوصي الأطباء النساء في الثلاثينيات بتبنّي عادات يومية تدعم التوازن الطبيعي للهرمونات:
تناول الغذاء المتكامل: ركّزي على الأطعمة الغنية بالألياف والبروتينات الجيدة، وتجنبي السكريات المصنعة.
النوم الجيد: يساعد النوم المنتظم على تنظيم هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر.
ممارسة الرياضة بانتظام: تساهم التمارين في تحفيز إفراز الإندورفينات وتحسين المزاج.
الابتعاد عن التوتر المزمن: استخدمي تقنيات التنفس العميق أو التأمل لتقليل الضغط النفسي.
تجنّب المبالغة في المكملات الغذائية: لأنها قد تؤثر سلبًا على الكبد وتخلّ بتوازن الجسم.
كما تُشير دراسة حديثة صادرة عن جامعة ستانفورد عام 2023 إلى أن النساء اللاتي يمارسن النشاط البدني بانتظام، ويحافظن على نظام نوم ثابت، يتمتعن بمستوى أكثر استقرارًا لهرمونات الإستروجين والبروجستيرون بنسبة 30% مقارنة بغيرهن.
وتسعى بعض النساء إلى "تحقيق المثالية الهرمونية" استنادًا إلى صور نمطية على الإنترنت تربط الجمال بالنحافة أو الطاقة المفرطة، لكن الحقيقة أن الجسم يحتاج إلى التوازن لا إلى التطرف، فالهرمونات تتغير لتواكب المراحل العمرية، وليس من الطبيعي محاولة إبقائها في مستوى العشرين طوال الحياة”، فمن المهم الاهتمام بالوعي الصحي لأنه خط الدفاع الأول ضد الخرافات التي تروّج لها المنصات الرقمية.
0 تعليق