في صباح بارد من يوم 17 ديسمبر 1903، سجل التاريخ لحظة مفصلية غيرت وجه العالم، عندما نجح الأخوان أورفيل وويلبر رايت في تنفيذ أول رحلة لطائرة ذاتية الدفع أثقل من الهواء، الطائرة ذات السطحين، المزودة بمحرك بنزين ومروحة، حلقت لمدة 12 ثانية فقط، لكنها قطعت 120 قدمًا كانت كافية لفتح سماء جديدة للبشرية.

قاد أورفيل رايت الرحلة الافتتاحية أمام خمسة شهود، بعد محاولات وتجارب استمرت سنوات، وفي ذلك اليوم نفسه، أُجريت ثلاث رحلات إضافية، تناوب خلالها الشقيقان على القيادة، وكانت أطولها من نصيب ويلبر رايت، الذي قطع 852 قدمًا خلال 59 ثانية.

نشأ الأخوان رايت في مدينة دايتون بولاية أوهايو، حيث عملا في الطباعة ثم في تجارة وتصليح الدراجات منذ عام 1892، ورغم عدم التحاقهما بالتعليم الجامعي، امتلكا قدرة تقنية لافتة ومنهجًا علميًا دقيقًا في حل المشكلات الهندسية، وقد قادهما شغفهما بالطيران، المتأثر بتجارب الألماني أوتو ليلينتال، إلى دراسة كل ما كتب عن الطيران الشراعي في نهاية القرن التاسع عشر، وفقا لما ذكره موقع هيستورى.

منطقة كيتي هوك النائية على جزر أوتر بانكس لإجراء تجاربهما

بعد مراسلة مكتب الأرصاد الجوية الأمريكي، اختار الأخوان منطقة كيتي هوك النائية على جزر أوتر بانكس لإجراء تجاربهما، لما توفره من رياح ثابتة وكثبان رملية مناسبة للهبوط. ورغم فشل نسبي لأول طائرة شراعية عام 1900، حقق تصميم 1901 نتائج أفضل، قبل أن تشهد تجارب عام 1902 قفزة نوعية بفضل نظام تحكم مبتكر يعتمد على دفة متحركة.

اختبر 200 نموذج من الأجنحة

وفي خطوة حاسمة، بنى الأخوان نفقًا هوائيًا واختبرا نحو 200 نموذج من الأجنحة، ما مكنهما من تحسين الأداء والدقة، لاحقًا وبمساعدة الميكانيكي تشارلز تايلور، صمما محرك احتراق داخلي بقوة 12 حصانًا، ودمجاه في طائرة جديدة نقلت مفككة إلى كيتي هوك في خريف 1903.

ورغم تعطل المحرك في أول محاولة طيران بمحرك يوم 14 ديسمبر، نجحا بعد ثلاثة أيام في تحقيق الإنجاز التاريخي، وبذلك، ولد عصر الطيران الحديث.