فى مثل هذا اليوم 28 ديسمبر من عام 1882م، صدر قرار بنفي الزعيم المصري أحمد عرابي وستة من الزعماء الذين قادوا الثورة العرابية إلى جزيرة سرنديب، وقد ظلت السفينة في البحر من 28 ديسمبر 1882 إلى التاسع من يناير من العام التالي، وفي ضوء ذلك نستعرض ما قاله الزعيم بنفسه عن تلك الفترة وحياته في الجزيرة.
الزعيم أحمد عرابي يتحدث عن أيامه بجزيرة سرنديب
حسب ما ذكره كتاب أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه من تأليف محمود الخفيف: تحدث عرابي عن نزوله بالجزيرة قائلًا: "وفي غروب يوم 9 يناير سنة 1883 دخلت الباخرة إلى ميناء ثغر كولومبو بجزيرة سيلان، وألقت مرساها، فحضر إلينا وكيل حكومة سيلان، وحيَّانا تحية القدوم، وأبلغ موريس بك بأن الحكومة أعدت أربعة بيوت لذوي العائلات منا وفيها الخدم وكل ما يلزم من أسباب الراحة كالسرر المفروشة اللازمة للنوم والكراسي وأدوات المطبخ والسفرة والدواليب وغير ذلك، وذخيرة ثلاثة أشهر ضيافة لنا، ولكن على حساب مصر، وثمن تلك الأدوات ثلاثة آلاف جنيه، ثم أمضينا تلك الليلة في الباخرة المذكورة، وفي صباح غرة ربيع الأول سنة 1300 الموافق 10 يناير سنة 1883 خرجنا إلى البر فوجدنا رصيف الميناء مزدحمًا أيما ازدحام بإخواننا المسلمين من أهل الجزيرة المذكورة وأهل جاوة والهند والملايو وأعيان طائفتي التامل والسنهاليز أهل البلاد من عباد الأوثان على مذهب بوذا وكانوا يشيرون إلينا بالسلام وزيادة الاحترام.
ثم تقدمت لنا العربات فركبنا وتوجهنا إلى البيوت المذكورة، وكان قد خصص لنا بيت عظيم يسمى "ليك هاوس" ومساحة بستانه 14 فدانًا، وأعظم أشجاره من جوز الهند والموز وغيره، فتوجهنا إليه والناس مزدحمون على جانبي الطريق من الميناء إلى البيت المذكور يهتفون لنا بالترحيب والإكرام إلى أن وصلنا إلى المنزل المذكور، وأخذنا معنا طلبة باشا عصمت وعبد العال باشا حلمي ليقيما معنا حيث إنهما تركا عائلتيهما بمصر، وكذلك توجه محمود باشا سامي مع محمود باشا فهمي ليقيما في منزل واحد؛ لأن الأول ترك أهله وأولاده بمصر أيضًا، وانفرد كل من علي باشا فهمى ويعقوب باشا سامي في بيت على حدته لوجود عائلتيهما معهما.
عرابي وأصحابه يقيمون وليمة كبيرة للزعماء
ولما دخلنا البيوت المعدة لنا أخذت تلك الطوائف تتوافد علينا للسلام بوجوه باشة وقلوب مليئة بالمحبة والحنان ليلًا ونهارًا".
وكان عدد من رافقوا الزعماء السبعة من الأهل والخدم 41، وكانوا عند وصولهم كأبناء أسرة واحدة جمعتْ بينهم المحنة كما جمعت الصداقة من قبل ووثقت الغربة أواصر المحبة.
وبعد ثلاثة أيام من وصول الزعماء إلى الجزيرة أقام لهم كثير من أعيانها وتجارها الولائم، واشترك في ذلك المسلمون وزعماء السنهاليز والتامل، وقد استمرت تلك الولائم بضعة أيام، وكان يدعو إليها كبار سكان كولومبو، فعرفوا زعماء المصريين وألفت تلك الاجتماعات بينهم.
وأقام عرابي وأصحابه لهؤلاء وليمة كبيرة وصفها عرابي بقوله: "وبعد ذلك أقمنا وليمة جامعة لأعيان المسلمين والإنجليز والتامل والسنهاليز، وكان عدد المدعوين إليها 200 شخص من مختلف الأجناس والمذاهب، والمعتقدات... شكرًا لهم على حسن حفاوتهم بنا".
50 جنيه شهريا لعرابي و38 جنيه لأصحابه
وكانت الحكومة المصرية قد أرجأت تقرير ما يلزم ثمنًا لمعيشة كل من المنفيين حتى تعلم حال الجزيرة من حيث رخص الأسعار أو غلائها، وفي فبراير سنة 1883 وصل إلى الجزيرة حاكم جديد هو السير أرثر جوردن فخاطب الحكومة المصرية فقررت لعرابي 50 جنيه شهريًّا ولكل من أصحابه 38 جنيها.
وكان عرابي وأصحابه يقضون أوقاتهم في القراءة والكتابة، وتعلم اللغة الإنجليزية وفي التزاور بينهم وبين حكام الجزيرة وأعيانها.

















0 تعليق